ولوثه لأن الثلمة لا يتماسك عليها شفة الشارب كما يتماسك على الموضع الصحيح من الكوز والقدح، وقيل: إنه مقعد الشيطان والمعنى فيه أن موضع الثلمة لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء فيكون شربه على غير نظافة وذلك من فعل الشيطان وتسويله، وكذلك إذا سال الماء من الثلمة على وجهه وثوبه فإنه من إيذاء الشيطان وتسويله، وكذلك إذا سال الماء من الثلمة على وجهه وثوبه فإنه من إيذاء الشيطان إياه.
وأما النهي عن الشرب قائمًا: فهو نهي تأديب وتنزيه لأنه أحسن وأرفق بالشارب، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائمًا وتأويله في حال الضرورة الداعية إليه وكان بمكة شرب من ماء زمزم قائمًا لازدحام الناس عليه، وأما النهي عن التنفس والنفخ من أجل ما يخاف أن يبرز من ريقة ورطوبة فمه فيقع في الماء وقد تكون النكهة في بعض من يشرب متغيرة 114/أ فتعلق الرائحة بالماء لرقته ولطافته فيكون الأحسن في الأدب أن يتنفس بعد إبانة الإناء عن فيه ولا حاجة إلى النفخ لأنه لأحد معنيين إن كان لحرارة الشراب فليصبر حتى يبرد، وإن كان من أجل قذى يبصره فيه فليمطه بإصبع أو بحلال أو نحو ذلك.
فرع
لو طبخ لحمًا بخمر وأكل مرقتها حد، وكذلك لو نثر فيها خبزًا لأن عين الخمر موجودة في المرقة والثريد، ولو أكل اللحم لم يحد لأن عين الخمر غير موجودة في اللحم وإنما فيه طعمه وإن عجن دقيقًا بخمر وخبزه فأكل الخبز لا يحد لأن عين الخمر أكلتها النار وبقي خبز نجس.
فرع آخر
لو استعط بالخمر أو احتقن لم يحد لأنه ليس بشرب ولا أكل.
فرع آخر
كل شراب مسكر لا يجوز بيعه وهو نجس، وقال أبو حنيفة: يجوز بيعها جميعًا إلا الخمر، وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز بيع نقيع التمر والزبيب ويجوز بيع الباقي منها وبنوا ذلك على إباحتها عندهم، واحتج أبو حنيفة بالتمر ولو كان محرمًا مختلف في إباحته فجاز بيعه ودليلنا أنه شراب محرم أو شراب فيه شدة مطربة فلا يجوز بيعه كالخمر.
فرع آخر
إذا عجن الند بالخمر كان نجسًا لا يجوز بيعه ولو تبخر به هل ينجس؟ فيه وجهان ذكرهما القاضي الطبري.
مسألة: قال: ولا يحد إلا بأن يقول: شربت الخمر 114/ب.
الفصل
واعلم أنه لا يجب الحد إلا أن يقر فيقول: شربت الخمر أو يقول شربت ما يسكر أو يشهد عليه شاهدان عدلان أو يشرب من إناء مع نفر فيسكر بعضهم فيعلم أن الشراب