واحتج الشافعي بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، والقياس، وأراد به ما روي أن عمر رضي الله عنه "صلى يوماً صلاة الصبح بالناس، فلما انفتل من صلاته رأى على ثوبه أثر الاحتلام، فقال: هكذا يفعل بنا اللحم إذا أكلناه ما أراني إلا وقد احتلمت، وصليت بكم، وما شعرت، فقام واغتسل، وأعاد صلاته"، ولم يأمر أحداً بالإعادة.
وأما القياس: ما ذكره المزني، وهو أن كلأ مصل على نفسه، فلما كانت صحة صلاة الإمام لا تغني عن المأموم إذا كان المأموم جنباً أو محدثاً، فكذلك فساد صلاته من هذا الوجه لا يوجب صلاة المأموم، إذا لم يعلم، ثم أيد ذلك بأنه لو سبقه الحدث في صلاته ينصرف ويتوضأ ثم يبني على صلاته، ويجوز للمأمومين المضي في صلاتهم إذا استخلف عليهم رجلاً بالإجماع، فدل أن فساد صلاة الإمام لا يوجب فساد صلاة المأموم، إذا لم يعلم، كما أن امتناع المضي في الصلاة للإمام بسبب سبق الحدث لا يوجب امتناع المضي للمأموم في الصلاة.
وذكر صاحب "التلخيص" أن قول مالك أحد القولين للشافعي: ولا يصح ذلك عنه.
فرع
لو أدرك 166 أ / 2 الإمام في الركوع وصلى، ثم علم بجنابته، قد ذكرنا أنه لا يحتسب له بهذه الركعة. ومن أصحابنا من قال: يعتد له بها، لأنه إذا لم يعلم بحاله صار كالإمام الطاهر، وهو ضعيف.
فَرْعٌ آخرُ
لو صلى الجمعة خلف إمام جنب، فإن كان الإمام تمام الأربعين لا تصح صلاتهم، وإن كان زائداً على الأربعين فلا تصح صلاة الإمام. وهل تصح صلاة المأمومين؟ نص في "الأم": أنها صحيحة، وحكي عنه في "القديم": أنها لا تصح، لأن الإمام شرط في صحة هذه الصلاة.
فَرْعٌ آخرُ
لو أحرم بهم، وهو جنب أو محدث، وأحرموا خلفه جاهلين بحدثه، ثم علموا فعليهم مفارقته، فإن نووا مفارقته، وفارقوه أتموا لأنفسهم، وان لم ينووا مفارقته، أو نووا ذلك ولم يفارقوه فعلاً بطلت صلاتهم وان علم بعضهم دون بعض، فصلاة من لم يعلم صحيحة وصلاة من علم على ما ذكرنا، وكذلك لو أحرم بهم، وهو طاهر، ثم أحدث فعليه أن يخرج من الصلاة، وعليهم أن يفارقوه على ما ذكرنا.
وقال أبو حنيفة: "إذا أحدث الإمام عمداً بطلت صلاة المأمومين"، وهذا غلط لما ذكرنا.