الجزية، وجب الكف عنهم وإن امتنعوا منها وجب قتالهم حتى يقتلوا.
وأما عبدة الأوثان فيجب قتالهم حتى يسلموا، فإن أسلموا وجب الكفر عنهم، وإن لم يسلموا وجب قتالهم حتى يقتلوا، والفريقان في المهادنة سواء، إن دعت إليها حاجة هودنوا، وإن لم تدع إليها حاجة لم يهادنوا.
مسألة:
قال الشافعي: "وكان ذلك كله فيئًا بعد السلب للقاتل في الأنفال. قال ذلك الإمام أو لم يقله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل أبا قتادة يوم حنين سلب قتيله وما نفله إياه إلا بعد تقضي الحرب ونفل محمد بن مسلمة سلب مرحب يوم خيبر ونفل يوم بدر عددًا ويوم أحد رجلًا أو رجلين أسلاب قتلاهم وما عملته صلى الله عليه وسلم حضر محضرًا قط فقتل رجل قتيلًا في الأقتال إلا نفله سلبه وقد فعل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما".
قال في الحاوي: يريد الشافعي بهذا ما غنم من أهل أموال الفريقين من أهل الكتاب وعبدة الأوثان يكون بعد تخميسه للغانمين، وسماه فيئًا، وإن كان باسم الغنيمة أخص لرجوعه إلي أولياء الله.
فيبدأ الإمام من الغنائم بأسلاب القتلى فيدفع سلب كل قتيل إلي قاتله، سواء شرطه الإمام أو لم يشرطه.
وقال مالك وأبو حنيفة: إن شرطه الإمام كان لهم وإن لم يشترطه كانوا فيه أسوة الغانمين احتجاجًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس لأحد ما طابت به نفس إمامه" ودليلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه". وروى عمرو بن مالك الأشجع أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل. وروي أنه وجد في بعض غزواته قتيلًا فسأله عنه قاتله، فقالوا: سلمه بن الأكوع. فقال: له سلبه أجمع. وقدا مضت هذه المسألة مستوفاة في كتاب قسمة الفيء والغنيمة.
فصل:
فإذا ثبت عطاء السلب للقاتل استحقه بأربعة شروط:
أحدها: أن يقتله والحرب قائمة ليكف كيده، فإن قتله اشتباك الحرب أو بعد انكشافها فلا سلب له.