على الرضخ يصرفه في أهل الخمس، لقول الله تعالى: {واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ}. فكان على عمومه في جميع الغنيمة إلا ما خصه السنة من السلب.
والثاني: أنه يقدم إعطاء قبل إخراج الخمس، لأنه من جملة المصالح اعتباراً بالسلب، ويستوي على القولين قليل الغنيمة وكثبرها سواء أخذت قهراً بقوة أو أخذت خلسة بضعف في إخراج خمسها.
وقال أبو حنيفة: إن أخذوها قهراً وهم ممتنعون بقوة خمسة وإن أخذوها خلسة وهم في غير متعة لم تخمس.
وقال أبو يوسف: المتعة عشرة فأكثر احتجاجاً بأن الغنيمة من أحكام الظفر الذي يعز به الإسلام، ويقال به الشرك وهذا في المأخوذ خلسة وتلصصاً.
ودليلنا عموم قول الله تعالي" {واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}. فكان على عمومه ولأن الغنيمة ما غلب المشرك عليه وأخذ منه بغير اختياره، وهذا موجود في هذا المأخوذ ولأن كل ما وجب إخراج خمسه إذا وصل بالعدد الكثير وجب إخراج خمسه إذا وصل بالعدد القليل كالركاز، ولأن كل من خمسة غنيمته إذا كان في منعة خمسة، وإن كان في غير منعة كما لو أذن له الإمام، ولأن كل من خمسة غنيمته إذا أذن له الإمام خمسة، وإن لم يأذن له كما لو كانوا في منعة، ولأنه لا فرق بين التسعة والعشرة في العز والذل، فلم يقع الفرق بينهما في الغنيمة والتلصص.
فصل:
فإذا ثبت هذا كان ذلك بعد إخراج خمسه ملكًا لغانمة. وقال الحسن البصري: يؤخذ منهم لبيت المال عقوبة لهم ويعزروا عليه لتعزيزهم بأنفسهم، وهذا خطأ لعموم الآية، ولأنه ليس التعزير مع العدو محظورًا يوجب التعزير.
روى محمد بن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرض على الجهاد يوم بدر ونفل كل امرئ ما أصاب، وقال: والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر إلا دخل الجنة". فقال عمير بن حمام، وفي يده ثمرات يأكلهن:
بخ بخ، ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن قتلني هؤلاء القوم، ثم قذف الثمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل وهو يقول:
ركضا إلي الله بغير زاد
... إلا التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد
... وكل زاد عرضه النفاد
غير التقى والبر والرشاد