أحدها: أن القوة التصافي واتفاق الكلمة.
والثاني: أن القوة الثقة بالنصر والرغبة في الثواب.
والثالث: أن القوة السلاح، قال له الكلبي.
والرابع: أن القوة في الرمي.
وروى عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "قال الله تعالى: {وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} ألا إن القوة الرمي ثلاثًا.
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اربطوا الخيل فإن ظهورها عز وبطونها لكم كنز" فعم بالخيل جميع الجنس؛ ولأنه عتاق الخيل أجرى وأسبق، وبراذينها أكر وأصبر، فكان في كل واحد منهما ما ليس في الآخر فتقابلا ولأن عتاق الخيل عراب، وبراذينها أعاجم، وليس يفرق في الفرسان بين العرب والعجم، وكذلك الخيل لا يفرق بين شديد الخيل وضعيفه، فكذلك في السابق والمتأخر.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ولا يعطى إلا لفرس واحد".
قال في الحاوي: وهو كما ذكر، وقال الأوزاعي وأبو يوسف وأحمد: يسهم لفرسين ولا يسهم لأكثر منهما؛ لأنه قد يعطب الواحد فيحتاج إلي ثان، فصار معدًا للحاجة، فوجب أن يسهم له، وهذا التعليل موجود في الثالث؛ لأنه قد يعطب الثاني، ولا يوجب ذلك أن يسهم لثالث، فكذلك الثاني؛ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حضر بأفراس فلم يأخذ إلا سهم فرس واحد، وكذلك حضر كثير من أصحابه فلم يعطوا إلا سهم فرس واحد، وبذلك جرت سيرة خلفائه الراشدين من بعده، ولأنه لا يقاتل إلا على فرس واحد وما عداه زينة أو عدة، فلم يقع الاستحقاق إلا في المباشر بالعمل كخدمة الزوجة لما باشرها الواحد، وكان من عداه زينة، أو عدة لم يستحق إلا نفقة خادم واحد.
فصل:
فإذا قاتل المسلم على فرس مغصوب أخذ به سهم فارس ثلاثة أسهم، ثم نظر في مالكه فإن كان مسلمًا حاضرًا كان سهم الفرس، وهو سهمان من الثلاثة ملكًا لرب الفرس، دون غاصبه لأنه إذا حضر به الوقعة استحق سهمه، وإن لم يقاتل عليه فكذلك يستحقه، وإن قاتل عليه غيره، وإن كان مالك الفرس غير حاضر كان سهمه لغاصبه دون مالكه، وللمالك على الغاصب أجره مثله، وكذلك لو كان مالكه ذميًا حاضرًا؛ لأن سهم الفرس صار مستحقًا بالقتال عليه، وذلك موجود في الغاصب دون المالك.