بثمنه، لأنه حق للغانمين وتكون أيديهم عليه في دار الحرب يد استباحة، وفي دار الإسلام يد حظر، فيجوز أن يأكلوه في دار الحرب ولا يأكلوه في دار الإسلام، ولا يجوز لهم بيعه في دار الحرب ولا في دار الإسلام والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "وما كان من كتبهم فيه طب أو ما لا مكروه فيه بيع وما كان فيه شرك
أبطل وانتفع بأوعيته".
قال في الحاوي: كتبهم مغنومة عنهم، لأنها من أموالهم وهي ضربان:
أحدهما: ما ليس بمحظور على المسلمين وهو ما فيه طب أو حساب، أو شعر، أو أدب فتترك على حالها، وتقسم في المغنم مع سائر أموالهم.
والثاني: ما كان محظورًا على المسلمين من كتب شركهم وشبه كفرهم فلا يجوز أن تترك على حالها، وكذلك التوراة والإنجيل لأنهما قد بدلا وغيرا عما أنزلهما الله تعالى عليه فجرت في المنع من تركها على حالها مجرى كتب شركهم، فتغسل ولا تحرق بالنار، وإن اختار بعض الفقهاء إحراقها، لأنه ربما كان فيها من أسماء الله تعالى ما يصان عن الإحراق، ولأن في أوعيتها إذا غسلت منفعة لا يجوز استهلاكها على الغانمين، فإن لم يكن غسلها مزقت، حتى يخفض ما فيها من الشرك، ثم بيعت في المغنم إن كان لها قيمة.
فصل:
فأما خمورهم فتراق ولا تباع عليهم ولا تباع عليهم، ولا على غيرهم لتحريمها وتحريم أثمانها، فأما أوانيها فإن أمكن حملها إلي دار الإسلام لنفاستها وكثرة أثمانها ضمت إلي الغنائم، وإن لم يكن حملها فإن غلب المسلمون على دارهم قسمت بينهم لينتفعوا بها بعد غسلها، وإن لم يغسلوا على دارهم كسرت ولم تترك عليهم صحاحًا لئلا يعاود الانتفاع بها في حظور.
وأما خنازيرهم فتقتل سواء كانت مؤذية أو غير مؤذية، وقد قال الشافعي في سير الواقدي: تقتل إن كان فيها عدوى ولم يرد بذلك تركها إن لم يكن فيها عدوى، وإنما أراد تعجيل قتلها خوف ضررها وإن كانت عادية وإن وجب قتلها عادية وغير عادة، لأن الخمر تراق وإن لم يكن فيها عدوى، فإن تعذر عليهم قتلها تركها كما يتركهم إذا تعذر قتلهم.
وأما جوارح الصيد فما كان مباح الأثمان من الفهود والنمور والبزاة قسمت بين الغانمين مع الغنائم، فأما الكلاب فضربان:
أحدهما: ما لا منفعة فيه فلا يتعرض لأخذه، ثم ينظر فيها كان منها عقورًا