الأشجار ويبيح قتل الحيوان والشافعي يبيح قمع الأشجار ويمنع من قتل الحيوان فصارا مجمعين على الفرق بين الأشجار والحيوان وإن كانا مختلفين في المباح منهما والمحظور، فصار الجمع بينهما ممتنعا وإباحة الأشجار، وحظر الحيوان أولى من عكسه، لأن للحيوان حرمتين:
إحداهما: لمالكه، والأخرى لخالقه، فإذا سقطت حرمة المالك لكفره، بقيت حرمة الخالق في بقائه على حظره، ولذلك منع مالك الحيوان من تعطيشه وإجاعته، لأنه إن اسقط حرمة ملكه بقيت حرمة خالقه، وحرمته اكبر من حرمة الأموال، وأكثر من حق المالك وحده، فلذا سقطت حرمة مالكه لكفره جاز استهلاكه لزوال حرمته، ولذلك لم يحرم على مالك المال والشجر استهلاكه، وإن حرم عليه استهلاك حيوانه.
مسألة
قال الشافعي: "لو قاتلونا على خيلهم فوجدنا السبيل إلى قتلهم بأن نعقر بهم فعلنا لأنها تحتهم أداة لقتلنا وقد عقر حنظلة بن الراهب بأبي سفيان بن حرب يوم أحد فانعكست به فرسه فسقط عنها فجلس على صدره ليقتله فرآه ابن شعوب فرجع إليه فقتله واستنفذ أبا سفيان من تحته".
قال في الحاوي: وهذا كما ذكر إذا قاتلونا على خيلهم جاز لنا أن نعقرها عليهم، لنصل بعقرها إلى قتلهم والظفر بهم، لأنهم ممتنعون بها في الطلب والهرب أكثر من امتناعهم بحصونهم وسلاحهم، فصارت أذى لنا فجاز استهلاكها لأجل الأذى، كما جاز استهلاك ما صال من البهائم، وإن لم يجز استهلاك ما لم يصل، وقد عقر حنظلة بن الراهب فرس أبي سفيان ين حرب يوم أحد، واستعلى عليه ليقتله فرآه ابن شعوب فبدر إلى حنظلة وهو يقول:
لأحمين صاحبي ونفسي بطعنه مثل شعاع الشمس
ثم طعن حنظلة فقتله، واستنقذ أبا سفيان منه ف خلهم أبو سفيان وهو يقول:
فما زال مهري مزجر الكلب منهم لدى غدوة حتى دانت لغروب
أقاتلهم وأدعى يأل غالب وأدفعهم عني بركن صليب
ولو شئت نحتني كميت لحمرة ولم أحمل النغماء لابن شعوب
فبلغ ذلك ابن شعوب فقال مجيبا له حين لم يشكره:
ولو دفاعي يا ابن حرب ومشهدي لألفيت يوم النعف غير مجيب
ولولا مكري المهر بالنعف قرقرت ضباع عليه أو ضراء كليب
وموضع الدليل من هذا اج لخببه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى حنظلة وقد عقر فرس أبي