أمته إذا أحبلها أم ولد، ولم يعتق عليه من تلفظ بعتقه. فأما اعتراض المزني بأنه لما لم يعتق عليه قدر حقه من أبيه، فكذلك في أم الولد فهو فاسد؛ لأنهما في الحكم سواء وإنما يخالفان عتق المباشرة، للفرق الذي ذكرنا.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ومن سبي منهم من الحرائر فقد رقت وبانت من الزوج كان معها أو لم يكن سبي النبي صلي الله عليه وسلم نساء أوطاس وبني المصطلق ورجالهم جميعًا فقسم السبي وأمر أن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ولم يسأل عن ذات زوج ولا غيرها وليس قطع العصمة بينهن وبين أزواجهن بأكثر من استبائهن".
قال في الحاوي: ومقدمة هذه المسألة أن سبي الذرية موجب لرقهم، والذرية هم النساء والأطفال، فإذا أحيزوا بعد تقضي الحرب رقوا، فأما سبي المقاتلة فلا يرقون بالسبي، حتى يسترقوا.
والفرق بينهما: أن لأمير الجيش خيارا في الرجال بين القتل والفداء والمن والاسترقاق، فلم يتعين الاسترقاق إلا بالاختيار، ولا خيار له في الذراري فرقوا بالسبي؛ لاختصاصهم بحكم الرق.
فإذا تقرر هذا لم يخل حدوث السبي في الزوجين من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تسبي الزوجة دون الزوج، فقد بطل نكاحها بالسبي بوفاق من الشافعي وأبي حنيفة في الحكم مع اختلافهما في العلة، فهي عند الشافعي حدوث الرق، وعند أبي حنيفة اختلاف الدار.
والثاني: أن يسبي الزوج دون الزوجة، فإن لم يسترق ومن عليه أو فودي به يبطل نكاح زوجته عند الشافعي، وأبي حنفية، لكن عليه عند الشافعي حدوث الرق، وعند أبي حنيفة اختلاف الدار.
والثالث: أن يسبي الزوجان معًا، فعند الشافعي يبطل النكاح بينهما بحدوث الرق، وعند أبي حنيفة لا يبطل النكاح؛ لأنه لم يختلف الدار بهما؛ استدلالًا بما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه لما استرق سبي هوازن بأوطاس جاءته هوازن بعد إسلامهم ليستعطفونه ويستنزلونه من على سبيهم وردهم عليهم، وأكثرهم ذوات أزواج وأقرهم على مناكحهم ولو بطل النكاح بحدوث الرق لعلمهم، ولأمرهم باستئناف النكاح بينهم، وفي ترك ذلك دليل على بقاء النكاح وصحته؛ ولأن الرق لا يمنع من ابتداء النكاح، فوجب أن لا يمتنع من استدامته كالصغر؛ ولأنه قد يطرأ الرق على الحرية، كما تطرأ الحرية على الرق، فلما لم يبطل النكاح بحدوث الحرية على الرق، وجب أن لا يبطل بحدوث الرق على الحرية.