أحدهما: لا يبطل، ويكونان على النكاح؛ لأن رقهما متقدم، وليس بحادث، فصار انتقال ملكهما بالسبي، كانتقال بالبيع.
والثاني: أن النكاح يبطل؛ لأن الاسترقاق أثبت من الرق الأول لثبوت الحادث بالإسلام وثبوت الأول بالشرك فتعلق حكم الرق بأثبتهما، وكان الأول داخلًا فيه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ولا يفرق بينهما وبين ولدها حتى يبلغ سبع أو ثمان سنين وهو عندنا استغناء الولد عنها وكذلك ولد الولد".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، لا يجوز أن يفرق بين الأم وولدها في القسمة إذا سبوا ولا في البيع إذا ملكوا الرواية أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة".
وروى عمران بن حصين أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ملعون من فرق بين امرأة وبين ولدها".
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلي الله عليه وسلم سمع امرأة تبكي فقال: ما لهذه تبكي فقيل له: فرق بينها وبين ولدها فقال: "لا توله والدة على ولدها".
أي: لا يفرق بينهما بالبيع فتوله عليه بالحزن والأسف، مأخوذ من الوله، ولأن في التفرقة بينهما في الصغر إدخال ضرر عليهما بحزن الأم وضياع الولد.
فإذا ثبت هذا ففي الزمان الذي تحرم فيه التفرقة بينهما قولان للشافعي:
أحدهما: نص عليه في سير الواقدي، ونقله المزني غلى هذا الموضع إلى استكمال سبع سنين، ثم يفرق بينهما من بعد، وبه قال مالك، لأنه حد التفرقة في تخيير الكفالة، ولأنه يستقل فيها بنفسه في لباسه ومطعمه.
والثاني: إلى وقت البلوغ، وبه قال أبو حنيفة لرواية عبادة بن الصامت أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا يفرق بين والدة وولدها" قيل: إلى متى؟ قال: "حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية" ولولا أن في هذا الحديث ضعفًا، لأن رواية عبد الله بن عمرو بن سعيد بن الربيع بن عبادة بن الصامت، وقد طعن علي بن المديني في عبد الله بن عمرو بن سعيد ونسبه إلى الكذب، لما اختلف القول فيه، ولما شاع خلافه، ولأنه لما استحقت الكفالة