والثاني: أن الجزيةً تجب على الفقير المعتمل، ولا تجب عليه الزكاةً، فلم يجز اعتبارها بالزكاة.
وأما الجواب عن الجمع بين الجزية والخراج مع اختلاله من وجهين:
أحدهما: أن الخراج لا يسقط بالفقر، فكذلك الجزية.
والثاني: أنه لما لم يسقط ما في مقابلة الجزية من حقن الدم في حق الفقير لم تسقط الجزيةً، ولما سقط ما قي مقابلة الخراج من المنفعة سقط به الخراج.
فصل:
فإذا تقرر توجيه القولين، فإن قلنا: إنه لا جزية على الفقير مطالبته بالجزية، كانت القدرة عليها شرطًا في الوجوب والأداء، فلا يخاطب بوجوبها مع الفقر، إذا أيسر بها استوقف حوله، وأخذت منه بانقضائه.
وإن قلنا: إن الجزية واجبة على الفقير، لم تكن القدرة شرطًا في وجوبها، فإذا حال الحول، وهو فقير وجبت عليه الجزيةً، وفيها وجهان دل كلام ابن أبي هريرة عليهما:
أحدهما: أنه ينظر بها إلى ميسرته مع إقراره في دار الإسلام كسائر الديون التي يجب الأنظار بها إلى وقت اليسار.
والثاني: لا يجوز أن ينظر بها لإعساره؛ لأن لها بدلًا في حقن دمه وهو قائم عليه، وهو الإسلام، فإذا امتنع منه لم يجز إنظاره.
وقيل: إن لم تسلم، ولم يتوصل إلى تحصيل الجزية بالطلب والمسألة، لم يجز أن تقر في دار الإسلام، وأبلغت مأمنك، ثم كنت حربًا، ألا ترى أن الكفارةً، لما كان الصوم فيها بدلًا لم تسقط بالإعسار؟ ولم يجب فيها أنظار إلى وقت اليسار؟ كذلك الجزية.
مسألة:
قال الشافعي: " وإن صالحوا على ضيافةً ضيافة ما ضفت ثلاثًا، قال: ويضيف الموسر كذا والوسط كذا، ويسمى ما يطعمونهم خبز كذا، ويعلفون دوابهم من التبن والشعير كذا، ويضيف من مر به من واحد إلى كذا وأين ينزلونهم من فضول منازلهم أو في كنائسهم، أو فيما يكن من حر وبرد ".
قال في الحاوي: يجوز أن يصالح أهل الذمة على عقد الجزية على ضيافة من يمر بهم من المسلمين، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- صالح أكيدر دومةً عن نصارى أيلة على ثلاثمائة دينار، وكانوا ثلاثمائة رجل، وأن يضيفوا ما مر بهم من المسلمين ثلاثة أيام لا يغشوا