الأول: يجوز أن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم، وإن لم يعلم عددهم في جميع السنة، وإن لم يمر بهم أحد لم يؤخذ منهم ثمن الضيافة.
وعلي الوجه الثاني: لا يصح حتى يعلم عدد الأضياف في جميع السنة وإن لم يمر بهم أحد، أو يمر بهم بعض العدد حوسبوا، وأخذ منهم ثمن الضيافة من بقي، فيكون الفرق بين الوجهين من وجهين:
أحدهما: جوازه علي الوجه الأول، وإن لم يعلم عددهم في جميع السنة ولا يجوز علي الوجه الثاني حتى يعلم عددهم في جميع السنة.
والثاني: أن لا يؤخذ منهم علي الوجه الأول قيمة الضيافة إن تأخر الأضياف، وتؤخذ منهم علي الوجه الثاني قيمتها إن تأخروا.
وأما الفصل الثاني: وهو من يشترط له من الأضياف، فهم أهل الفئ من المجتازين بهم دون المقيمين بينهم، لأن الضيافة جزية، والجزية لأهل الفئ خاصة، فعلي هذا تكون مقصورة علي الجيش المجاهدين خاصة أو تكون لهم ولغيرهم من أهل الفئ علي قولين من مصرف مال الفئ هل يختص بالجيش أو يعم جميع أهل الفئ؟ فإن شرطت الضيافة لغير أهل الفئ من تجار المسلمين وجميع السابلة جاز علي الوجه الأول إذا قيل: إنها تشترط بعد الدينار، ولم تجز علي الوجه الثاني إذا قيل: إنه يجوز الاقتصار عليها وحدها، فإن أراد الضيف أن يأخذ منهم قدر ضيافته، ولا يأكل من عندهم نظر.
فإن طالبهم بثمن الضيافة لم يلزمهم دفعه، وإن طالبهم بطعام الضيافة لزمهم دفعه، وفارق ما أبيح من أكل طعام الولائم الذي لا يجوز أخذه لأن هذه معاوضة، والوليمة مكرمة، ولا يطالبهم بطعام الأيام الثلاثة في الأول منها، لأنه مؤجل فيها، فلا يطالبوا به قبل حلوله، ويطالب في كل يوم بقدر ضيافته، فإن لم يطالب بضيافة اليوم حتى مضي لم يجز أن يطالبهم به علي الوجه الأول إذا جعل تبعا للدينار وجاز أن يطالبهم به علي الوجه الثاني إذا جعل مقصودا كالدينار.
ولو تكاثر أهل الذمة علي ضيف تنازعوه كان الخيار إلي الضيف دون المضيف في نزوله علي من يشاء منهم بغير قرعة، ولو تكاثر الأضياف علي المضيف كان الخيار إلي المضيف دون الأضياف إلي أن يقصد عدد أهل الناحية عن إضافة جميعهم، فيقرع بينهم، ويضيف كل واحد منهم من قرع، والأولي أن يكون للأضياف عريف يكون هو المرتب لهم، لينقطع التنازع بينهم.
وأما الفصل الثالث: في بيان الضيافة، فيعتبر فيها ثلاثة شروط:
أحدهما: عدد الأضياف.
والثاني: أيام الضيافة.