والثاني: أن يكون في دينه ملحقا بأمه دون أبيه اعتبارا بجزيته ورقه في لحوقه بأمه دون أبيه، ولحدوثه عن اختلاف الدين، فعلي هذا إن كانت أمه كتابيه، فهو كتابي يقر بالجزية، وإن كانت وثنية، فهو وثني لا يقر بالجزية.
الثالث: أن يلحق بأثبتهما دينا كما يلحق بالمسلم منهما دون الكافر، فعلي هذا إن كان أبوه كتابيا وأمه وثنية ألحق بأبيه، وجعل كتابيا يقر بالجزية، وإن كانت أمه كتابية، وأبوه وثنيا ألحق بأمه، وجعل كتابيا يقر بالجزية.
والرابع: أن يلحق بأغلظهما كفرا، لأن التخفيف رخصة مستثناة، فعلي هذا أيهما كان في دينه وثنيا، فهو وثني لا يقر بالجزية سواء كان الوثني منهما أبا أو أما، وهو ضد الوجه الثالث كما أن الوجه الثاني ضد الوجه الأول.
وأما الحكم الرابع، وهو الدية: إذا قتل، فهو أن يكون أحد أبويه نصرانيًا والآخر مجوسيًا، فهو ملحق في الدية بأكثر أبويه دية سواء كان أبًا وأمًا، نص عليه الشافعي في "الأم".
والفرق بين الدية والنسب من وجهين:
أحدهما: أن الدية لما اختلفت باختلاف الدين، ولم تختلف باختلاف النسب، وكان في الدين ملحقا بالمسلم منهما تغليظا كان في الدية ملحقا بأغلظهما دية.
والثاني: أن ما أوجب ضمان النفوس كان معتبرا بأغلظ الحكمين كالمحرم إذا قتل ما تولد من بين وحشي وأهلي أو مأكول، ومحظور لزمه الجزاء تغليظا.
مسألة:
قال الشافعي: "فأيهم أفلس أو مات فالإمام غريم يضرب مع غرمائه".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا مات الذمي أو أفلس بعد الحول لم تسقط عنه الجزية بموته وفلسه، وأسقطها أبو حنيفة بموته احتجاجا بأن الجزية عقوبة تسقط عن الميت كالحدود، لأنه يخرج بالموت من أهل القتال، فوجب أن تسقط عنه الجزية كالنساء والصبيان.
ودليلنا: هو أنه مال استقر قبوله في ذمته، فلم يسقط بموته كالديون ولأن الجزية عوض عن حقن دمه، وإقراره في دار الإسلام علي كفره، فلم يسقط ما وجب منها بموته كالأجور.
فأما الجواب عن اعتبارهم بالحدود، فهو أن الحد متعلق بالبدن، فسقط بالموت كالقصاص والجزية متعلقة بالمال، فلم تسقط بالموت كالدية. وأما الجواب عن