فأما نساء أهل الذمة، فيؤخذون بلبس الغيار في الخمار الظاهر الذي يشاهد، ويلبسوا خفين من لونين أحدهما: أسود، والآخر: أحمر أو أبيض، ليتميز نسائهم عن نساء المسلمين، ويؤخذوا بشد الزنار دون الخمار، لئلا تصفها بثيابها بعد أن يكون ظاهرا، فإن اقتصر النساء علي التميز بأحدهما جاز، وإن كان الجمع بين الثلاثة أولي، فإن لبس أهل الذمة العمائم والطيالسة، لم يمنعوا.
وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل: يمنعون من لبس العمائم والطيالسة، لأنها من أجمل ملابس المسلمين، وهذا ليس بصحيح، لأن المقصود تميزهم عن المسلمين، فإذا تميزوا بالغيار والزنار جاز أن يساووهم في صفات ملابسهم كما يساووهم في أنواع مأكلهم.
وأما لبس فاخر الديباج والحرير، فلا يمنعون منه في منازلهم، وفي منعهم منه ظاهرا وجهان:
أحدهما: يمنعون منه لما فيه من التطاول به علي المسلمين.
والثاني: لا يمنعون منه كما لا يمنعون من فاخر الثياب القطن والكتان، لأنهم يصيرون متميزين بلبسه من المسلمين، لتحريم لبسه عليهم.
فصل:
وأما الفرق المعتبر في أبدانهم، فمن وجهين:
أحدهما: في شعورهم.
والثاني: في أجسادهم.
فأما الشعور فيميزون فيها من وجهين:
أحدهما: أن ينحذفوا في مقدم رؤوسهم عراضا تخالف شوابير الأشراف.
والثاني: لا يفرقوا شعورهم في رؤوسهم، ويرسلونها ذوائب، لأن هذا من المباهاة بين المسلمين.
وأما في أجسادهم، فهو أن تطبع خواتيم الرصاص مشدودة، في أيديهم أو رقابهم، وهو أولي، لأنه أزل، وإنما أخذوا بالتميز في أبدانهم في هذين الوجهين، لأمرين:
أحدهما: عند دخول الحمامات، فإذا تجردوا فيها من ثيابهم، وقد اختير أن يدخلوها وفي أيديهم جلجل.
والثاني: لأنهم ربما وجدوا موتي، ليعرفوا، فيدفعوا إلي أهل دينهم، فيدفنوهم في مقابرهم ولا يتشبهوا بالمسلمين، فيصلوا عليهم، ويدفنوهم في مقابرهم، ولا يجوز أن يميزوا بميسم ولا وسم، لأنه مؤلم وغير مأثور، فإن اقتصروا علي أحد الأمرين في أبدانهم إما بالشعور أو بخواتيم الرصاص المطبوعة جاز، لوقوع التمييز به، إن كان