فَرْعٌ آخرُ
لو شد كلباً بحبل وصلى وطرف الحبل معه نظر، فإن جعل طرف الحبل تحت قدمه لم تضر صلاته سواء كان الكلب صغيراً أو كبيراً حياً أو ميتاً، وإن شد طرف الحبل في وسطه أو أمسكه بيده نظر، فإن كان الكلب ميتاً أو صغيراً يتحرك معه إذا مشى لا تصح الصلاة، وإن كان كبيراً يمشي بنفسه، فالمذهب أنه لا تصح صلاته، لأنه حامل الحبل يلاقي النجاسة.
ومن أصحابنا من قال: "لا تبطل صلاته، لألا لهذا الكلب اختياراً، فهو واقف باختياره". ومن أصحابنا من قال: "إن كان مشدوداً على موضع طاهر مثل إن لف على عنقه خرقة وشد الحبل بتلك الخرقة تجوز صلاته، وإلا فلا تجوز"، وكلا الوجهين ضعيف، لأن هذا الكلب في العادة تابع له يمشي بمشيه، فهو بمنزلة الميت.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان الحبل مشدوداً في سفينة فيها نجاسة نظر، فإن جعل الحبل تحت قدميه فلا بأس، وان أمسكه بيده أو شده في وسطه نظر، فإن كانت مغيرة تحرك معه كيف مشى لا تصح صلاته سواء كان طرف الحبل مشدوداً في موضع منها لا تصيبه النجاسة، أو كان مشدوداً في النجاسة، وان كانت السفينة كبيرة لا تتحرك معه إذا مشى نظر، فإن كان طرف الحبل ملاقياً للنجاسة لا تجور صلاته.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: "فيه وجه أخر أنه تجوز صلاته، لأنه ليس من لباسه"، 181 ب / 2 وهذا غلط ظاهر، وإن كان مشدوداً في موضع طاهر منها، فالمذهب أنه تجوز صلاته، لأن السفينة ليست تابعة له، فإنها لا تزول بزواله، فلا يكون حاملاً للنجاسة.
ومن أصحابنا من غلط وقال: "لا تجوز لأنها منسوبة إليه ومتصلة به"، وأطلق صاحب "الإفصاح"، فقال: فيه وجهان. وما ذكره أولى.
فَرْعٌ آخرُ
لو صلى وفي كمه حيوان طاهر تجوز صلاته، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "حمل أمامة في صلاته"، فإن قيل: أليس لا يخلو بطنه عن النجاسة، فيكون حاملاً للنجاسة؟ قلنا: تلك النجاسة في معدنها فلا يمنع جوازها.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان مذبوحاً، فغسل موضع الدم منه وحمله في الصلاة لا يجوز، لأنه لا حكم لباطن الحيوان في النجاسة والطهارة ما دام حياً، فإذا زالت الحياة يعتبر حكمها، وتصير بمنزلة القارورة إذا جعلت فيها نجاسة وسد رأسها برصاص أو شمع، وملى معها لا تجوز صلاته. وحكي عن ابن أبي هريرة أنه حضر في مجلس ما لزم عليه هذه المسألة، فارتكب، وقال. تجوز صلاته، وهدا غلط، لأن هذه النجاسة في غير معدنها.