وإمائنا، ووجب لهم علينا مهور من أسلم من نسائهم وقيمة من أسلم من عبيدهم وإمائهم جعلناه قصاصًا قولًا واحدًا، لما في القبض والتسليم من الخطر الشاق، فإن استويا في القدر برئت منه الذمتان، وإن فضل لنا رجعت بالفضل عليهم، وإن فضل لهم دفعنا الفضل إليهم، ودفع الإمام ما قاصصهم به من بيت المال إلي مستحقيه من المسلمين وكتب إليهم أن يدفعوا ما قصصوا به إلي مستحقه من المشركين، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وليس لأحد أن يعقد هذا العقد إلا الخليفة أو رجل بأمره لأنه يلي الأموال كلها".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: لا يصح أن يتولى عقد الهدنة العامة إلا من إليه النظر في الأمور، وهو الخليفة أو من استنابه به فيها الخليفة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاهد بني قريظة وبني النضير بنفسه، وهادن قريشًا عام الحديبية بنفسه؛ ولأن الخليفة، لإشرافه على جميع الأمور أعرف بمصالحها من أشذاذ الناس؛ ولأن أمره بالولاية أنفذ، وهو على التدبير والحراسة أقدر.
فإن استناب فيها من أمره بعقدها صح؛ لأنها صدرت عن رأيه، فلم يلزمه أن يباشرها بنفسه؛ لأن عام النظر، فلم يفرغ لمباشرة كل عمل، فإن استناب فيها من فوض عقدها إلي رأيه جاز إذا كان من أهل الاجتهاد والرأي، وهما في اللزوم على سواء.
وأما ولاة الثغور، فإن كان تقليدهم تضمن الجهاد وحده لم يكن لواحد منهم أن يعقد الهدنة إلا قدر فترة الاستراحة، وهي أربعة أشهر، ولا يجوز أن يكون سنة، لأن عليه أن يجاهد في كل سنة، وفيما بين أربعة أشهر وسنة قولان؛ لنه فقد في هذه المدة عن الجهاد من غير هدنة جاز، فكان مع الهدنة أولى بالجواز.
وإن تضمن تقليد ولي الثغور أنه يعمل برأيه في الجهاد والموادعة جاز أن يعقد الهدنة عند الحاجة إليها؛ لدخولها في ولايته، والأولى أن يستأذن فيها الخليفة، فإن لم يستأذنه انعقدت.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وعلى من بعده من الخلفاء إنفاذه".