النصرانية قبل التبديل أو بعده، فأمرهم بالجزية حقنًا لدمائهم، وحرم نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم، وجعلهم في ذلك كالمجوس.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "فلا تقبل ممن بدل يهودية بنصرانية أو نصرانية بمجوسية أو مجوسية بنصرانية أو بغير الإسلام وإنما أذن الله بأخذ الجزية منهم على ما دانوا به قبل محمد عليه الصلاة والسلام وذلك خلاف ما أحدثوا من الدين بعده فإن أقام على ما كان عليه وإلا نبذ إليه عهده وأُخرج من بلاد الإسلام بماله وصار حربًا ومن بدل دينه من كتابية لم يحل نكاحها. قال المزني رحمه الله: قد قال في كتاب النكاح. وقال في كتاب الصيد والذبائح: إذا بدلت بدين يحل نكاح أهله فهي حلال وهذا عندي أشبه وقال ابن عباس: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" قال المزني: فمن دان منهم دين أهل الكتاب قبل نزول الفرقان وبعده سواء عندي في القياس وبالله التوفيق".
قال في الحاوي: وصورتها أن ينتقل أهل الذمة في الإسلام من دين إلى دين، فذلك ضربان:
أحدهما: أن ينتقلوا إلى دين يقر عليه أهله.
والثاني: إلى دين لا يقر عليه أهله.
فأما الضرب الأول: وهو أن ينتقلوا إلى دين يقر عليه أهله كمن بدل يهودية بنصرانية أو بمجوسية أو بدل نصرانية بيهودية أو مجوسية، أو بدل مجوسية بيهودية أو نصرانية، ففي إقراره على ذلك قولان:
أحدهما: إنه يقر عليه، وهو قول أبي حنيفة والمزني؛ لأن الكفر كله ملة واحدة يتوارثون بها مه اختلاف معتقدهم، فصاروا في انتقاله فيه من دين إلى دين، كانتقال المسلمين من مذهب إلى مذهب.
والثاني: وهو أظهر أنه لا يقر عليه؛ لقول الله تعالى: {ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} آل عمران: 85؛ ولأنه لما كان الوثني إذا انتقل إلى نصرانية لم يقر، والنصراني إذا انتقل إلى وثنية لم يقر، وجب إذا انتقل النصراني إلى يهودية أن لا يقر؛ لأن جميعهم منتقل إلى دين ليس بحق.
فإذا تقرر القولان، فإن قيل بالأول إنه مقر في انتقاله، لم يخل حاله فيما انتقل إليه من ثلاثة أقسام: