له وادياً، ففعل وعتق.
والثالث: أن الوصية موقوفة مراعاة، فإن أسلم قبل قبولها ملكها، وإن لم يسلم قبل القبول لم يملكها؛ لأن وقف الوصية جائز.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "ولو قال: اكتبوا بثلثي التوراة والإنجيل فسخته لنبديلهم قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ} البقرة: 79 الآية ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح بكتب التوراة والإنجيل باطلة، سواء كان الموصى بها مسلماً أو ذمياً، وتصح عند قوم استدلالاً، بأمرين:
أحدهما: أنها من كتب الله المنقولة، بالاستفاضة، فاستحال فيه التبديل كالقرآن.
والثاني: أن التبديل وإن ظهر منهم، فقد كان في حكم التأويل، ولم يكن في لفظ التنزيل والله تعالى قد اخبر عنهم، وخبره أصدق أنهم بدلوا كتبهم، فقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} البقرة: 79 وقال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} النساء: 46 فأخبر أنهم قد نسبوا غليه ما ليس منه وحرفوا عنه ما هو منه، وهذا صريح في تبديل المعنى واللفظ، فإذا كان مبدلاً كانت تلاوته معصية لتبديله، لا لنسخه، فإن في القرآن منسوخاً يتلى كتلاوة الناسخ، وإذا كانت تلاوته معصية كانت الوصية بالمعصية باطلة.
فأما قولهم: إنه مستفيض النقل، فاستحال فيه التبديل، فالجواب عنه: أن الاستفاضة شرطان:
أحدهما: أن ينقله جم غفير، وعدد كثير ينتفي عنهم التواطؤ والتساعد على الكذب والتغيير.
والثاني: أنه يستوي حكم طرفي النقل ووسطه.
وهذا، وإن وجد فيه أحد الشرطين من كثرة العدد، فإنه لم يوجد فيه الشرط الثاني في استواء الطرفين والوسط؛ لأن التوراة حين أحرقها بخنصر اجتمع عليها أربعة من اليهود لفقوها من حفظهم، ثم استفاضت عنهم، فخرجت عن حكم الاستفاضة.
فإن قيل: فهذا يعود على القرآن في استفاضة نقله؛ لأن الذي حفظه من الصحابة ستة، فلم توجد الاستفاضة في طرفيه ووسطه. قيل: لئن كان الذي يحفظ جميع القرآن على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم ستة، فقد كان أكثر الصحابة يحفظون منه سوراً أجمعوا عليها،