دون غيره من الأمراء ولا يكتب إليه إلا بما حكم به وأمضاه ليكون الأمير مستوفيًا له ولا يكون حاكمًا به، لأن الأمراء أعوان على استيفاء الحقوق وليسوا بحكام وهو معنى قول الشافعي رضي الله عنه، ويكتب الأمير إلى القاضي والقاضي إلى الأمير.
وذكر بعض أصحابنا بخراسان أنه قبول حكم من الأمير وإن لم يكن فيه شرائط القضاء وهو غلط، ويجوز أن يتولى الرجل القضاء والإمارة لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا أميرًا وقاضيًا، ثم هذه المكاتبة مقصورة على أحد ثلاثة أمور:
أحدها: أن يكتب إليه بما حكم به للطالب من ملك في بلده ليمكنه 10 ب/ 12 من التصرف فيه ويرفه عنه يد من سواه فهذا يجوز إذا أمن عدوان الأمير، فلو كان لبلد الملك أمير وقاضٍ كانت مكاتبة الأمير بذلك أولى من مكاتبة القاضي لأنه بالبلد أخص ما لم يعارض القاضي فيه.
والثاني: أن يكتب بما حكم به على الخصم المطلوب ليستوفيه الطالب فهذا يجوز أن يكتب به الأمير، فلو كان لبلد هذا المطلوب أمير وقاضٍ كانت مكاتبة القاضي أولى لأن القاضي بإلزام الحقوق أخص.
والثالث: أن يكتب إليه بإحضار المطلوب إليه فهذا يعتبر بولاية القاضي، فإن كان بلد الأمير داخلًا في ولايته جاز أن يكتب إليه بإحضار المطلوب ولزم الأمير إنفاذه إليه، وإن كان خارجًا من ولايته لم يجز للقاضي أن يكتب إلى الأمير بإحضاره ويلم يجز للأمير أن ينفذه إليه.
وأما القسم الثالث: فليس للشهود تنفيذ حكم ولا استيفاء حق وإنما هي وثائق فيما يتحملون من الحقوق ليشهدوا بها لمستحقيها عند مستوفيها فللقاضي في مكاتبته ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكاتبهم بتنفيذ الحكم فهذا منه استخلاف لهم على الحكم وهو استئناف ولاية لا يصح إلا بثلاثة شروط: أن يكونوا من أهل علمه، وأن يكونوا من أهل الاجتهاد، وأن يذكر لفظ التنفيذ ويصير هذا تقليدًا خاصًا في هذا الحكم دون غيره على إجماع فيه ولا ينفرد به أحدهم.
والثانية: أن يكاتبهم 11 أ/ 12 باستيفاء الحق ليعتبر شرطان: أحدهما: أن يكونوا من أهل علمه، والثاني: أن يكونوا من أهل الاجتهاد، والثالث: أن يكاتبهم إشهادًا لهم على حكمه ليكونوا وثيقة للطالب يتحملون عنه إنفاذ حكمه له فيجري هذا فجرى الشهادة على شهادة فيصح أن يكاتبهم به، وإن كانوا من غير أهل علمه ويصح أن يتحملوه عنه إذا أشهدهم شهود المتحملين للكتاب، فيصح أن يؤدوا ذلك إذا تعذر ثبوته لمن تحملوا ذلك عنه وهو القاضي أو شهود الكتاب كما نقوله في الشهادة على الشهادة.