غرضًا في تمييز بأن يزيل سوء المشاركة ومؤنة المقاسمة وبه قال أبو حنيفة, وهذا لا يصح لما ذكرنا ويفارق هذا كله إذا كان للطالب فيها منفعة لأنه طلب ما ينتفع به فأجبر صاحبه عليه وهنا طلب ما يستضر به وفيه المال وسفه ظاهر فلا يجاب إليه.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن كان عليه ضرر ولكنه يمكن الانتفاع به من وجه, وإن لم ينتفع به منفعة الأصل يجاب إليه.
وإن كان لا ينتفع به أصلًا لا يجاب إليه, واعلم أن الضرر الذي ذكرنا إن ينتقص قيمة ما يصير إليه فظاهر كلامه أنه تنقص ونقصان القيمة يتبع نقصان المنفعة ولا يفترقان, قال: وقال بعض أصحابنا: فيما يعتبر فيه دخول الضرر وجهان: أحدهما: وهو ظاهر مذهب الشافعي وبه قال أبو حنيفة إنه نقصان المنفعة دون القيمة.
والثاني: وهو الأشبه يعتبر بكل واحد من نقصان المنفعة أو نقصان القيمة لأن في كل واحد منهما ضررًا.
ولو كانت دار نصفها لواحد ونصفها لعشرة نفر ولا يمكن الانتفاع بكل عشر من هذا النصف على حدته بوجه وأمكن الانتفاع بنصف الدار فدعا صاحب عشر نصف الدار إلى القسمة لم يجب إليه على ما ذكرنا من المذهب وإن اجتمع العشرة وقالوا: نفرز نصيبنا عن النصف الذي لصاحبنا أو قال صاحب النصف: أفرز نصيبي وأدع النصف مشاعًا بين العشرة فلكل واحد منهم ذلك وهو قول الشافعي رضي الله عنه.
وأقول لمن كره القسمة لقلة حصصهم: إن شئتم جمعنا حقوقكم وكانت مشاعة بينكم لتنتفعوا بها فإن قال قائل: حصصهم ملك لهم يفعلون به ما شاءوا فما فائدة قول الشافعي؟ يقال لهم: إن شئتم, قلنا: لعل متوهم يتوهم أن نصيب بعضهم إذا صار مقسومًا له وجب أن يصير سائر الأنصباء مقسومة ممتازة فأبان أن ذلك ليس من شرط القسمة ويجوز أن يقسم بعضهم حصته وتبقي حصة الآخرين مشاعة كما كانت, وعلى هذا لو كانت الأرض لستة نفر فصارت سهامهم فطلب واحد منهم القسمة قسمت أسداسًا وأقر سدسها له وكانت خمسة أسداسها مشتركة بين الباقين, وإن طلبها اثنان ليجوز أشهمهما مجتمعين قسمت أثلاثًا, وأفرز لطالبي القسمة ثلثها مشتركة بينهما وكان الثلثان مشتركًا بين الباقين وعلى هذا القياس إذا طلب الثلاثة والأربعة.
مسألة: قال: "وينبغي للقاسم أن يحصي عدد أهل السهام ومبلغ حقوقهم".
الفصل
الكلام في هذا في كيفية القسمة والقسمة على ضربين: قسمة فيها رد, وقسمة لا رد فيها, فأما التي فيها رد سيجيء حكمها, وأما التي لا رد فيها وهي قسمة الإجبار فلا