بحكم أن الدار في أيديهما من غير منازع ولا خلاف أنه لا يجب على القاضي أن يقسم بينهما, وإنما لو تقاسما لا يمنع وفائدة قسمة القاضي بينهما ذلك أنه يقرع ويقسم فلا يكون لهما الامتناع إذا كان مما تجري فيه القسمة جبرًا, وإذا اقتسموا بأنفسهم لا يجبر ولمن شاء منهم مثل خروج القرعة وبعده أن يقول: لا أرضى وحكي عن أبي يوسف ومحمد وأحمد أنهم قالوا: تقسم بأقدارهم كل شيء وعن أبي حنيفة: إن كان منقولًا يقسم, وإن كان عقارًا فادعياه ميراثًا لا يقسم إلا ببيته تشهد على الميراث, وإن ادعياه بابتياع أو غيره قسم من غير بينة تشهد بالابتياع, واحتج بأن الميراث باق على حكم ملك الميت فلا يقسمه إلا بالاحتياط للميت, فإذا لم يثبت عنده الموت والإرث فلا احتياط فيه ويخالف العقار المنقول ويتحفظ بالقسمة بخلاف العقار وهذا أصح من مذهب أبي حنيفة مما ذكرنا ولأن ما ذكره أبو حنيفة لا يصح لأنه لا حق للميت فيه إلا أن يظهر عليه دين والأصل عدمه وعندنا إذا أقاما البينة بالابتناء لم تكن بينة بالملك لأن يد الأب فيها كأيديهما, ولو كان تنازعهما غيرهما في تلك الحال ولا خلاف أنه لا يجوز للحاكم أن يقسم بينهما لأن قسمته إثبات ملكهما, ول تنازعا ويدعي كل واحد منهما أنها له لملكًا فجعلها أحكام بينهما بأيديهما وإيمانها لا يجوز أن يقسمها بينهما إن سألاه لأن في تنازعهما إقرار بسقوط القسمة.
فرع
الحاكم إذا أقر بالحكم قبل عزله والحاكم إذا أقر بالقسمة حال ولايته قبل لأنهما يملكان الحكم والقسمة وكل من ملك شيئًا ملك الإقرار به, وإن أقر بعد العزل فالمذهب أنه لا يقبل ويكون شاهدًا به نص عليه في "الأم" وقال الاصطخري: يكون شاهدًا به كالمرضعة تشهد على الإرضاع تقبل شهادته سواء كان بأجرة أو بغير أجرة وهذا لا يصح, والفرق أن الحكم هناك يتعلق بوصول اللبن إلى الجوف ولهذا لو أرضع وهي نائمة لم تثبت الحرمة, وليس ذلك من فعلها والقسمة فعله والحكم يتعلق به فلم تقبل شهادته على فعله وأيضًا فالرضاع لا يتضمن تعديل المرأة المرضعة والقسمة الصحيحة تتضمن تعديل القاسم فلم تقبل شهادته فيما تجر به إلى نفسه منفعة.
فرع آخر
لو كان بينهما منافع فأراد قسمتها مهاياة وهي أن تكون العين في يد أحدهما: مرة ثم في يد الآخر مرة مثلها جاز لأن المنافع كالأعيان فجاز قسمتها, وإن طلب أحدهما: وامتنع الآخر لم يجبر الممتنع قيل: فيه وجه أنه يجبر كما يجبر على قسمة الأعيان, والصحيح المنصوص الأول لأن حق كل واحد منهما معجل فلا يجبر على تأخيره بالمهاياة ويخالف قسمة الأعيان لأنه لا يتأخر بالقسمة حق واحد منهما, وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك: يجبر الممتنع على المهاياة 12/ 47 أ وعند أبي حنيفة أنه