رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "صلى ركعتين بعد العصر كان يمليهما بعد الظهر"، ولأنها صلاة راتبة في وقت، فأشبهت الفرائض.
وقال ههنا: لا تقضى، وأومأ إليه في "القديم" أيضاً. وبه قال مالك وأبو حنيفة، لأنها نافلة، فلا تقضى كصلاة الخوف، وقيل: ما كان من صلاة النهار تقضى نهاراً، وما كان من صلاة الليل تقضى ليلاً في وجه، وهو بعيد، فإذا قلنا: لا تقضى سقطت، فإن تطوع فصلى كانت تطوعاً ابتداء بغير سبب فيكره فعلها في الأوقات المنهية، وإذا قلنا: تقضى، يجوز قضاؤها في الأوقات المنهية، ويأتي بالتي فاتته بنية القضاء، فعلى هذا وقت القضاء بعضه أوكد من بعض، فالأولى أن يقضي ما لم يأت بمكتوبة من وقت صلاة أخرى، فيقضي الوتر ما لم يطلع الصبح، فإذا فعلها، قال في "القديم". وقله المزني: "لم يقض الوتر"، ولذلك قال في ركعتي الفجر: يقضيها بالنهار 191 ب / 2 ما لم يفعل الظهر.
وقال أبو إسحق رحمه الله: معناه لم أحث على قضائها بعد فعل الفرض كما أحث عليه قبل فعل الفرض، ويقضيهما أبدأ. والمسألة على قول واحد: إنه يقضي جميع النوافل.
وهذا اختيار القاضي الطبري، قال: والدليل عليه أن الشافعي قال: "يصليها ما لم يصل الظهر"، فلو كانت تسقط بالفوات لسقطت بطلوع الشمس. وقيل: قول المزني عن الشافعي لا يقضي، أراد لا يقضي واجباً، كما قال أبو حنيفة. وقيل: تأويله لا بقضي في هذه الحالة بل يقدم الصلاة التي دخل وقتها، لأنها أهم وأولى. ثم يقضي ما فات من الوتر وركعتي الفجر.
ومن أصحابنا من قال: إذا قلنا: لا يقضي، هل يسقط فعلها بفعل الصلاة الأخرى أم بدخول وقتها؟ وجهان:
أحدهما: بدخول الوقت فتسقط صلاة الوتر بطلوع الفجر وركعتا الفجر بزوال الشمس. وقول الشافعي: "حتى يصلي الصبح" عبارة عن دخول الوقت، لأنه يستحب أن يبادر إلى فعل الفريضة، فعبر بفعلها عن دخول وقتها.
والثاني: بفعل الصلاة، فيقضي الوتر بعد الفجر قبل صلاة الصبح، ويصلي ركعتي الفجر بعد الزوال قبل صلاة الظهر، فإذا صلاها سقطت.
ومن أصحابنا من قال في "القديم": ما كان من صلاة النهار يقضى ما لم تغرب الشمس وما كان من صلاة الليل يقضى ما لم يطلع الفجر، فعلى هذا يقضي ركعتي الفجر ما دام النهار باقياً، وهذا غريب ضعيف.
ومن أصحابنا من قال: جميع النوافل يقضي إلا أربع صلوات، فإن فيها قولين: الوتر وركعتي الفجر، وصلاة عيد الفطر وصلاة عيد الأضحى.