فرع
قال في "الأم": إذا رمى سهمًا إلى رجل فأصابه ثم نفذ عنه فأصاب آخر فقتله فالثاني خطأ ولا يثبت هذا الثاني بشاهد ويمين، قال: وفيه قول آخر لا يثبت لأنه لا يثبت الثاني إلا بعد ثبوت الأول الذي هو عمد والجناية واحدة، والأول أصح لأن الثانية خطأ محض والأول يوجب القصاص ولا يجوز ثبوته بشاهد ويمين إلا أن الشاهد يكون لوثًا فيه فيحلف معه خمسين يمينًا، ثم هل يستحق بها القصاص قولان.
مسألة: قال: "ولو أقام شاهدًا على جاريةٍ أنها له وأن ابنها ولد منه"
الفصل
صورة المسألة: 12/ 150 أن يكون في يد رجل جارية لها ولد فادعى رجل أن الجارية كانت له، وأنه استولدها في ملكه وولدها منه وأقام على ذلك شاهدًا وامرأتين، أو شاهدًا وحلف معه فأما الأم يحكم بها لأن أم الولد في حكم المملوكة فإذا ادعاها كان بمنزلة الدعوى في الأمة القن، فإذا ثبت أنه يحكم بها فإنها تسلم إليه ويحكم بأنها أم ولده وتعتق بموته لأنه أقر بذلك، وأما الولد فهو يدعي أن نسبه ثابت منه وأنه حر فهل يحكم بذلك؟ فيه قولان منصوصان أحدهما: قاله في "الأم"، ونقله المزني لا يحكم به لأنه لا يدعي ملكًا وإنما يدعي نسبًا وحرية وذلك لا يثبت به الشهادة.
والثاني: يحكم له بذلك لأنه نماء الأم فكان تابعًا لها فإن من ملك الأصل يحب أن يكون النماء له على طريق التبع قال المزني: هذا أشبه بقوله الذي لم يختلف في مسألة أخرى.
وهي قوله لو أقام شاهدًا على عبد في يد رجل يسترقه أنه كان عبدًا له فأعتقه ثم عصبه هذا بعد العتق حلف أخذه وكان مولىً له. قال المزني: فهو لا يأخذه مولاه على أن يسترقه كما لا يأخذه ابنه على أن يسترقه، فإذا أجازه في المولى لزمه في الابن.
والجواب أن أصحابنا اختلفوا في هذا فمنهم من قال: هما سواء ففيهما قولان، ومن أصحابنا 12/ 150 ب من سلم وفرق بأن هناك يدعي ملك العبد وأنه تصرف فيه بالعتق والتصرف في الملك لا يثبت إلا بعد ثبوت الملك، فإذا أثبتنا ملكه بالشاهد أعتقناه بإقراره كما إذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبدًا فردت شهادتهما فاشترياه منه عتق عليهما بإقرارها المتقدم، وأما الابن فإنه يخالف في ذلك لأنه لا يدعي ملكه بحال وإنما يدعي أنه خلق حرًا أو أنه ابنه والحرية والنسب لا يثبتان بالشاهد واليمين، قال أبو إسحاق: والفرق بينهما أوضح من تخريجهما على القولين.
قال القفال: وعلى هذا لو قال: استولدتها بالنكاح وهي ملك، ثم اشتريتها وولدها منك فيعتق الولد على أو وهبتها لي ونحو ذلك قبلنا شاهدًا ويمينًا ويثبت العتق بإقراره