شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صل الله عليه وسلم وهذا نص لأنه لما جعل اليمين على المنكر واستثنى منها القسامة دل على أنها على دون المنكر. فاعترضوا على هذا الاستدلال من وجهين:
أحدهما: أن قوله: "واليمين على من أنكر "يريد به اختصاصها بالمنكر دون غيره وقوله: "إلا في القسامة "يريد به وجوبها على المنكر وعلى غيره. والجواب عنه: أن هذا التأويل لا يصح لأن الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات فلما كان قوله: واليمين على من أنكر إثباتًا ليمينه وجب أن يكون قوله إلا في القسامة نفيًا ليمينه.
والثاني: أن قوله: "واليمين على من أنكر "يريد به أنه يبرأ بيمينه إلا في القسامة أنه لا يبرا بيمينه فيكون الاستثناء نفيًا من الإثبات.
والجواب عنه: أن هذا التأويل أبعد من الأول، لأن الاستثناء إلى ما تضمنه اللفظ من اليمين المذكورة دون البراءة التي لم تذكر فلم يجز أن يعدل به عن المذكور إلى غير مذكور.
والدليل على القياس أن إيمان المدعى عليهم لا يحكم لهم بموجبها، لأنهم لا يرمون عند المستحلف إذا حلفوا واليمين تستحق إما فيما يأخذ بها الحالف لنفسه ما ادعى وإما ليدفع بها عن نفسه ما أنكر فتقول كل يمين لا يحكم للحالف بموجبها لم يجز الاستحلاف بها قياسًا على يمين المدعي في غير الدماء وعلى يمين المدعى عليه بعد اعترافه بالحق فإن قيل: هذا منتقض بإيمان المتبايعين إذا تحالفا في الثمن يستحلفان بها وإن لم يحكم بموجبها قيل قد يحكم بموجبها إذا حلف أحداهما ولا يحكم بموجبها إذا حلفا لتعارضهما كما يحكم بالبينة إذا انفردت ولا يحكم بها إذا تعارضت، فإن قيل: فأنتم لا تحكمون بموجب الأيمان في القسامة لأن موجبها القوم وانتم لا توجبونه قيل: موجبها ثبوت القتل وقد أثبتناه ولنا في القود قول نذكره، ومن الدليل أنها أيمان تكررت في الدعوى شرعًا فوجب أن يبدأ فيها بالمدعي كاللعان فإن أنكروا أن يكون اللعان يمينًا دللنا بقول النبي صل الله عليه وسلم: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن ".
فأما الجواب عن قوله صل الله عليه وسلم: "واليمين على من أنكر "من وجهين:
أحدهما: قوله: "إلا في القسامة ".
والثاني: أن حديث القسامة أخص منه فوجب أن يقضي بالخاص على العام.
وأما الجواب عن حديث زياد بن أبي مريم فمن وجهين:
أحدهما: انه مجهول الإسناد ولا يعرفه أصحاب الحديث.
والثاني: حمله على دعوى إن لم تقترن بلوث.
وأما الجواب عن حديث القرظي فمن وجهين: