كما يلزمه في ظاهر الحكم ولا يلزمه غرمه بعد فك حجره وهو معنى قول الشافعي والجناية خلاف البيع والشراء.
والفرق بينهما: أن ديون المراضاة كانت باختيار صاحبها فصار هو المستهلك لها بإعطائه إياها وديون الجنايات والاستهلاك عن المراضاة فلم يكن من صاحبها ما يوجب سقوط غرمها فافترقا من هذين الوجهين فيما بينه وبين الله تعالى وفي الرجوع به بعد فك الحجر، فعلى هذا إن استحق الغرم في استهلاك مال عمل غرمه عند فك حجره لأن غرم الأموال المستهلكة معجل وإن استحق في دية خطأ تأجيلها ففي ابتداء الأجل وجهان:
أحدهما: من وقت الإقرار لوجوبها به.
والثاني: من وقت فك حجره لأنه بفك الحجر صار من أهل غرمها والله تعالى أعلم.
باب ما ينبغي للحاكم أن يعلمه من الذي له القسامة وكيف يقسممسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وينبغي أن يقول له من قتل صاحبك؟ فإن قال فلان قال وحده فإن قال نعم قال عمدًا أو خطأ فإن قال عمدًا سأله وما العمد؟ فإن وصف ما في مثله القصاص أحلف على ذلك وإن وصف من العمد ما لا يجب فيه القصاص لم يحلفه عليه والعمد في ماله والخطأ على عاقلته في ثلاث سنين فإن قال قتله فلان ونفر معه لم يحلفه حتى يُسمى النفر أو عددهم إن لم يعرفهم".
قال في الحاوي: وهذا كما قال إنما يسمع الحاكم الدعوى للحكم بها وليس يسمعها ليعلم قول المدعي فيها والحكم لا يجوز إلا بمعلوم مقدر لمعين على معين فكذلك لا تسمع الدعوى إلا هكذا ليصح له الحكم فيها، فإذا ادعى رجل عند الحاكم قتل أب له أو أخ سأله الحاكم عن قتله لتتوجه الدعوى على معين سؤاله عنها فإذا قال قتله وحده أو مع غيره، لأن حكم الانفراد في القتل مخالف لحكم الاشتراك فيه. وله الحالتان:
أحداهما: أن يفرده بالقتل.
والثانية: أن يجعله فيه شريكًا لغيره، فإن أفرده بالقتل فقال: قتله وحده سأله عن القتل هل كان عمدًا أو خطأ؟ لأن حكم العمد مخالف لحكم الخطأ. وله حالتان:
أحداهما: أن يدعي العمد.
والثانية: أن يدعي الخطأ، فإن قال قتله عمدًا سأله عن العمد، لأنه قد يتصور قتل