أهل مكة كانوا يصلون عشرين ولكنهم كانوا يطوفون بين كل ترويحتين سبعاً، والترويحة: أربع وكعات، فكان يحصل لهم من عشرين ركعة، أربعة أطواف، فأقام أهل المدينة مقام كل طواف أربع ركعات طلباً لمساواتهم أهل مكة فيكون ست عشرة ركعة ويوترون بثلاث ركعات، فتلك تسع وثلاثون". ولم يرد به أنهم كانوا يصلون التراويح سعا وثلاثين، بل التروايح كانت ستاً وثلاثين، والوتر بعدها ثلاث ركعات.
قال أصحابنا: وليس لغير أهل المدينة أن يفعلوا ذلك، لأن أهل المدينة تشرفوا بمهاجر رسول الله 198 أ / 2- صلى الله عليه وسلم - وقبره، فلهذا أرادوا مساواة أهل مكة بخلاف غيرهم.
وقال في - صلى الله عليه وسلم - القديم": "ليس في شيء من هذا ضيق ولا حد ينتهي إليه، لأنها نافلة"، ولم ينقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك عاد محدود إلا ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدةٍ".
ورأيت في كتاب بعض مشايخنا عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعة، ويوتر بثلاث"، وإنماً كانوا يوترون بثلاث في مكة والمدينة لئلا تتفرق الجماعة في الوتر، فإذ الخلاف في الوتر بركعة كان ظاهراً، فاختاروا الثلاث اقتداء بمالك رحمه الله، ولهذا قال الشافعي في "القديم": "إن أوتر جماعة أوتر بثلاث، وإن أوتر منفردا أوتر بواحدة"، والمعنى ما قلنا. وقيل: كان السبب في فعل أهل المدينة أنه كان لعبد الملك بن مروان تسعة أولاد، فأراد أن يصلي جميعهم بالمدينة فتقدم كل واحد منهم فصلى ترويحة، فصار ستة وثلاثين.
وقيل: السبب أن تع قبائل من العرب تنازعوا في الصلاة واقتتلوا فقدم من كل قبيلة وجل، فصلى بهم ترويحة، ثم صار سنة.
مسألة: قال: "ولا يقنت إلا في رمضان في النصف الأخير".
وهذا كما قال: السنة أن يقنت في النصف الأخير من رمضان في الركعة الثالثة من الوتر ولا يسن القنوت في بقية السنة، وبه قال مالك.
وكلام الشافعي رحمه الله يدل على كراهية القنوت في سائر السنة في الوتر، وقال أبو حنيفة وأحمد: "ستحب القنوت في جميع السنة حتى لو تركه يسجد للسهو"، وبه قال أبو عبد الله 198 ب / 2 الزبيري من أصحابنا، واحتجوا بما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث: بـ: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ويقنت في الثالثة قبل الركوع". وهذا غلط لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "السنة إذا انتصف الشهر من