قال: لقد قتله خطأ فيذكر الخطأ كما يذكر العمد إن كان أضعفهما حكمًا لأن دية العمد في ماله ودية الخطأ على عاقلته، فوجب أن يذكر كل واحد منهما، لاختلاف محلهما ولا يلزمه أن يصف في يمينه العمد ولا الخطأ، إذا كان وصفهما في الدعوى لأن يمين الحالف على مذهب الشافعي محمول على نية المستحلف دون الحالف فصارت متوجهة إلى الصفة التي أحلفه الحاكم عليها.
فإن قيل: فإذا كان محمولًا في صفة القتل على ما تضمنته الدعوى اعتبارًا بينة الحاكم المستحلف، فهلًا كان فيما عداها من الشروط المذكورة في هذه، اليمين لا يلزم ذكرها ويحمل على نية المستحلف قيل: لأن صفة القتل مراد لزوال الاشتباه وما عداها مراد الاستحقاق بها والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن ادعى الجاني أنه برأ من الجراح زاد وما برأ من جراحة فلانٍ حتى مات منها".
قال في الحاوي: وصورتها في مجروح مات مع لوث في جراحته، فأراد الولي أن يقسم، فذكر المدعي عليه أن المجروح مات من غير الجراحة التي كانت به فينظر، فإن مات عقيب الجراحة، فالظاهر أنه مات منها فلا يؤثر ما ذكره المدعي عليه، فإن لم يبرأ حتى زمان موته بعد الجراحة فهذا على ثلاثة أضرب:
أحدها: أن تكون الجراحة قد اندملت فيسقط حكم القسامة فيها لاستقرار حكمها بالاندمال وبطلت سرايتها إلى النفس وليس فيما دون النفس قسامة.
والثاني: أن يكون دمها جاريًا لم تندمل فهذا محتمل أن يكون الموت ومحتمل أن يكون من غيرها فيزيد الحالف من أيمان قسامته أنه مات من جراحته فإن أقسم على اثنين قال: في يمينه، وأنه ما مات من غير جراحتها ولم يقل: أنه مات من جرحهما لأنه قد يجوز أن يموت من جرح أحدهما وإن أجرى الشرع حكم القتل عليهما.
والثالث: أن يختلفا في الاندمال فيدعيه الجاني وينكره المدعي فلو كان في غير القسامة لكان القول في قول الجاني فأما في القسامة، ففيه وجهان:
أحدهما: وهو الظاهر من قول أبي إسحاق المروزي أن القول قول الجاني مع يمينه، كما يكون القول قوله في غير القسامة حتي يقيم المدعي البينة ببقاء الجرح سائل الدم غير مندمل ثم يقسم.
والثاني: وهو الظاهر من قول أبي علي بن أبي هريرة أن القول فيه قول المدعي بخلافه في غير القسامة، لأنه لما خالفت القسامة غيرها في قبول قول المدعي في القتل