السادس: أن يقول ولا أحدث شيئًا مات منه وقد فسره الشافعي بحفر البئر ووضع الحجر في غيره ملكه فيلزمه ضمان من مات منه وهذا شرط في قتل الخطأ دون العمد، فتكون هذه الشروط الستة، يلزم منها في قتل العمد ما اختص به وفي قتل الخطأ ما اختص به وهي غاية الشروط التي يحتاط بها في الأيمان، فإن قيل يجب أن تكون يمين المدعي عليه إذا أنكر موافقة لدعوى المدعي إذا فسر فلم يحتج في يمين إنكاره إلى زيادة على ما ذكره المدعي في تفسيره وإنما يحتاج إلى ذلك في الدعوى المطلقة دون المفسرة وهو لا يرى سماعها إلا مفسرة فاختلف أصحابنا في الجواب عن هذا على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن هذا من قوله دليل على جواز السماع للدعوى مطلقة غير مفسرة وجعلوا ذلك قولًا ثانيًا للشافعي فخرجوا سماع الدعوى مطلقة في الدم على قولين بعد اتفاقهم أنها لا تسمع في القسامة إلا مفسرة لاحتياج المدعي إلى الحلف عليها وإنما أخرجوه فيما عدا القسامة ولو فسرت الدعوى لما تجاوز المدعي بيمينه ما تضمنته الدعوى.
والثاني: أن الشافعي شرط ذلك في الدعوى المفسرة في الدماء خاصة، لأن دعوى الدم حق المقتول فإن انتقل إلى دليل استظهر الزائد على ما ادعاه وليه. وهو لا يرى سماعها مطلقة وشرط في اليمين الزيادة على ما تضمنته الدعوى على ما ادعاه وليه.
والثالث: أنه شرط ذلك في حق طفل أو غائب إذا ادعى له القتل ولي أو وكيل فيلزم الحاكم أن يستظهر في اليمين له على ما ادعاه وليه أو وكيله، ولو كانت الدعوى لحاضر جائز الأمر لم يستظهر له الحاكم بذلك بالبينة إذا قامت بدين على طفل أو غائب. واستظهر الحاكم بإحلاف صاحب الدين أنه ما قبضه ولا شيئًا منه، ولو قامت على حاصر جائز الأمر لم يحلف صاحب الدين على ذلك إلى أن يدعيه الحاضر.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو لم يزده السلطان على حلفه بالله أجزأه لأن الله تعالى جعل بين المتلاعنين الأيمان بالله".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن تغليظ اليمين بما يضاف إلي اسم الله تعالى من صفاته التي ينفرد بها وتعظم في النفوس التلفظ بها مأمور به، ومندوب إليه لأمرين:
أحدهما: لتباين ما قد ألفه الإنسان من أيمانه بالله في أثناء كلامه فيكون أزجر وأردع.
والثاني: لينتقي بها تأويل ذوي الشبهات، فإن حذفها الحاكم واقتصر على إحلافه بالله أجزأه وحذفها في أهل الديانة أيسر من حذفها في ذوي الشبهات وإن كان جواز حذفها في الفريقين على سواء لقول الله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} المائدة: 106، وقوله: