وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أوتروا 200 ب / 2 يا أهل القرآن". وقال ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: "سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في السفر ركعتين وهما تمامء والوتر من السنة"، فإذا ثبت هذا فالكلام الآن في أربعة فصول: في قدره، ووقته، وما يقرأ فيه، ويدعى به.
فأما قدره، ففيه مسألتان: الجواز، والأفضل. أما الجواز فأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة، ويجوز فيما بين ذلك بكل وتر كيف شاء بتسليمة واحدة أو بما أحب من التسليمات بين كل ركعتين.
وبه قال أحمد رحمه الله، وقال مالك رحمه الله: "أقل الوتر ركعة، وليس لما قبل ذلك من الشفع حد، وأقله ركعتان".
وقال أبو حنيفة والثوري: "الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة، لا يزاد عليها ولا ينقص منها كالمغرب، والركعة الواحدة ليت بصلاة".
وحكي عن مالكٍ، قال: الوتر ثلاث بتسليمتين، ولكن لا ينبغي أن يتكلم بعد السلام، ولا يحتاج إلى تجديد النية لهذه الركعة الثالثة. واحتجوا بخبر أبي بن كعب الذي ذكرنا. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه "نهى عن البتراء". وقال ابن مسعود رضي الله عنه ما أجزأت ركعة قط. وهذا غلط لما روى ابن المنذر بإسناده عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الوتر حق وليس بواجب فمن أحب أن يوتر بواحدة، فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث، فليفعل، ومن أحب أن يوتر بخمس فليفعل".
واحتج الشافعي بأن عثمان رضي الله عنه كان يحيي الليل بركعة هي وتره، وروي: أنه كان يقرأ فيها جميع القرآن. وروي: أن معاوية رضي الله عنه أوتر في الشام بواحدة، فقال ابن عباس: أصاب إنه لفقيه، ومثل هذا عن سعيد بن أبي وقاص. واحتج على مالك وأبي حنيفة أيضا، بأن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين من الوتر 201 أ / 2 حتى يأمر ببعض حاجته، وان لم يكن له حاجة كان يقول: يا جارية اعلفي الناضح.
واحتج على مالك أيضا، بأن من سلم من اثنتين فقد فصل، فإن قال: ما فصلت لأني أمنع الكلام، قلنا: لا خلاف أنه لو أحدث لا يبطل ما مضى من الركعتين.
وروى ابن عمر رضي الله عنه إن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يفصل بين الشفع والوتر، ولأنه يجهر في قراءة الثالثة منها"، فلو كانت موصولة بما قبلها لم يجهر فيها كما لا يجهر في الثالثة من المغرب.