يقتله وهو تحت قدرته، وقد كان على عهده كثير من السحرة فما قتل واحدًا منهم ولو وجب قتلهم ما أضاع حدود الله تعالى فيهم. وروي أن عائشة رضي الله عنها مرضت فسأل بعض بني أخيها طبيبًا من الزط عن مرضها فقال: هذه امرأة سحرتها أمتها فسألت عائشة أمتها وكانت مدبرة لها فاعترفت بالسحر وقالت: سألتك العتق فلم تعتقيني فباعتها عائشة واشترت بثمنها أمة أعتقتها، ولو كان قتلها مستحقًا ما استجارت بيعها واستهلاك ثمنها على مشتريها، وكانت الصحابة تنكر عليها بيعها، ولأن السحر تخييل كالشعبذة، وهي لا توجب الكفر والقتل فكذلك السحر.
فأما الجواب عن الخبر، فرواه الحسن وهو مرسل، وضربة بالسيف، قد لا يكون قتلًا فلم يكن صريحًا فيه: وأما حديث عمر فراوية بجالة لم يلق عمر فكان أيضًا مرسلًا ولو صح لكان مذهبًا له، وأما حفصة فقد أنكر عثمان بن عفان رضي الله عنه عليها قتلها ولو كان مستحقًا لم ينكره، وأما قولهم إنه مضاه لأفعال الخالق عليه وفيه، لأن غاية سحره أن يؤذي وليس كل مؤٍذ ومضر مضاهيًا لأفعال خالقه كالضارب والقاتل.
فصل:
وأما القسم الثاني: وهو حكم تعلم السحر: وتعلمه محرم محظور؛ لأنه تعلمه داع إلي فعله والعمر به وما دعا إلي المحظور كان محظورًا وقد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس منا من سحر له وليس منا من تكهن له وليس منا من تطير أو تطير له: فإن تعلمه لم يكفر به.
وقال أبو حنيفة: يكفر بتعلمه لقول الله تعالى: {ولَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} البقرة: 102 وهذا مذهب، يفسد من وجهين:
أحدهما: أن الإيمان والكفر مختص بالاعتقاد وتعلم السحر ليس باعتقاد فلم يطلق عليه الكفر.
والثاني: أن تعلم الكفر أغلط من تعلم السحر وهو لا يكفر بتعلم الكفر فأولى أن لا يكفر بتعلم السحر، فأما الدية فهي واردة في معلم السحر دون متعلمه وفوق ما بين المعلم والمتعلم لأن المعلم مثبت والمتعلم متخير كما وقع الفرق بين معلم الكفر ومتعلمه وعلى أن الشياطين كانوا كفرة بغير السحر، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا سحر رجلًا فمات سئل عن سحره فإن قال أنا أعمل هذا لأقتل فأخطئ القتل وأصيب وقد مات من عملي ففيه الدية وإن قال مرض منه ولم يمت أقسم أولياؤه لمات من ذلك العمل وكانت الدية وإن قال عملي يقتل