إحداهما: أن لا يستضر باحتمالها والصبر عليها، فيكون بفعلها سفيها ترد شبهاته.
والثانية: أن يستضر بها، فيكون في دفعها بالمقابلة على عدالته وقبول شهادته، ولأن دفع الضرر عذر مستباح لقوله النبي {صلى الله عليه وسلم}: "لا ضرر ولا ضرار".
الثاني: أن لا تفضي به المخالفة إلى المنابذة فهل تقبل شهادته، فهو على ضربين:
أحدهما: أن يعتقد بتصديق موافقيه في دعاويهم، ويشهد لهم بها على خصومهم كالخطابية. يعتقدون أن من كان على رأيهم لم يكذب، فيصدقوه على ما ادعاه، وشهدوا له على خصمه إن أنكر، فمنهم من يستظهر بإحلافه قبل الشهادة له، ومنهم من لا يستظهر، ويشهد له بمجرد قوله، وهي في الحالتين شهادة زور، تسقط بها عدالته، وترد بها شهادته، لأنه شهد بما لم يعلم، والله تعالى يقول: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الزخرف: 86
الثاني: أن لا يعتقد بتصديق موافقيه على مخالفيه، ويتحفظ في الشهادةً لهم وعليهم شهادة المخالف، حتى يعلمها من الوجه الذي يجوز أن يشهد بها، فهم أسلم أهل الأهواء طريقا، وهم صنفان:
صنف يرون تغليظ المعاصي، فيجعلها بعضهم شركًا، ويجعلها أهل الوعيد خلودًا. وصنف يرون تخفيف المعاصي في إرجائها وتفويضها.
وكلا الصنفين في العدالة وقبول الشهادة سواء.
وقال الشافعي رضي الله عنه: وشهادة من يرى كذبه شركًا بالله، ومعصية تجب بها النار - أولى أن تطيب النفس بقبولها من شهادة من يخفف المأثم، ولم يرد أنها أولى من شهادة أهل الحق فيها، يعني أن شهادة من يغلظ المعاصي من هذين الصنفين - أولى أن تطيب النفس بها من شهادة من يخففها.
فصار هذا التفصيل مفضيًا إلى قبول شهادة أهل الأهواء والبدع لستة شروط:
أحدها: أن يكون ما انتحلوه بتأويل سائغ.
والثاني: أن لا يدفعه إجماع منعقد.
والثالث: أن لا يفضي إلى القدح في الصحابة.
والرابع: أن لا يقاتل عليه ولا ينابذ فيه.
والخامس: أن لا يرى تصديق موافقة على مخالفه.
والسادس: أن تكون أفعالهم مرضيةً، وتحفظهم في الشهادة ظاهر، فهذا حكم ما تعلق بالآراء والنحل
فصل:
وأما الاختلاف في أحكام الفروع من الشاهد فعلى ثلاثة أضرب:
أحدها: ما ضل به.