ذلك أخف حالًا. قال المزني: رحمه الله فكيف يحد من شرب قليلًا من نبيذ شديد ويجيز شهادته". قال في الحاوي: وهذه المسألة تشتمل على فصلين:
أحدهما: في لعب الشطرنج.
والثاني: في اللعب بالحمام. فأما اللعب بالشطرنج فالكلام فيه يشتمل على فصلين:
أحدهما: في إباحتها وحظرها.
والثاني: في عدالة اللاعب بها وجرحه.
فأما إباحتها وحظرها فقد اختلف الفقهاء على ثلاثة مذاهب:
أحدهما: وهو مذهب مالك، أنها حرام.
والثاني: وهو مذهب أبي حنيفة، أنها مكروهة كراهة تغليظ يوجب المنع، وإن لم يبلغ مبلغ التحريم
والثالث: وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه: أنها ليست محرمةً كما قال مالك رضي الله عنه، ولا بمغلظةً الكراهة، كما قال أبو حنيفة، ثم قال: وإن كرهنا ذلك، وأراد به كراهة تنزيه.
واختلف أصحابه فيما تعود كراهته إليه على وجهين:
أحدهما: تعود كراهته إليها لأنه ضرب من اللعب.
والثاني: تعود كراهته إلى ما يحدث عنها من الخلاعة.
واستدل من حظرها وحرمها بما رواه الحسن البصري: "أن النبي {صلى الله عليه وسلم} نهى عن اللعب بالشطرنج حكمه".
وبما روي عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال: "كل اللعب حرام إلا لعب الرجل بقوسه، ولعبه بفرسه، ولعبه مع زوجته"فعم تحريم اللعب إلا ما استثناه".
فكان الشطرنج داخلًا في عموم التحريم وخارجًا من استثناء الإباحة.
وبما روي عن علي، عليه السلام مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} الأنبياء: 52 وألقى فيها كفا من تراب فدل تشبيهه لها بالأصنام على تحريمها كالأصنام.
وسئل مالك عنها، فقال: أحق هي؟ قيل: لا، قال: فما بعد الحق إلا الضلالة فأنى تصرفون.