أحدهم لو دعي إلى مرماتين حسنتين لآتاهما ولو حبواً". 204 أ / 2
قيل: المرماة: السهم. وقيل: عظم عليه قطعة لحم. وروى ابن أم مكتوم، قال: يا رسول الله إن المدينة كبيرة الهوام والسباع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حي على الصلاة، حي على الفلاح، فحي هلا"، وقوله: حي هلا كلمة حث واستعجال، ولأن الله تعالى أمر أن يصلى جماعة في حال الخوف، ولم يعذر في تركها، فدل أنها في حال الأمن أوجب. وقال عطاء بن أبي رباح يقول: ليس لأحد من خلق الله تعالى في الحضر والقربة رخصة إذا سمع النداء، وأن يدع الصلاة.
وقال الأوزاعي: لا طاعة للوالد في ترك الجمعة والجماعات سمع النداء أو لم يسمع، وهذا غلط، لأن الله تعالى قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} البقرة: 47)، ولم يفصل.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة ". وروي بخمس عشرين درجة، فلولا جواز الانفراد وإلا ما فاضل بين صلاة الجماعة وصلاة الفرد، فإن قيل: لعله أراد به في حق صاحب العذر. قلنا: العاجز يكتب أجره كاملاً من غير نقصان لما روي عن رسول الله قيه، قال: "إذا مرض المريض يقول الله تعالى لملائكته: اكتبا لعبدي ما كنتما تكتبان في صحته من أعمال الخير حتى أقبضه، أو أبدله بلحمة خيرا من لحمه وبدم خيرا من دمه"، فإن قيل:
لعله أراد به النفل. قلنا: النفل في الخفية والانفراد أفضل. وأيضاً روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صلاة الرجل مع الواحد أفضل".
وروي: "أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أفضل من صلاته مع الواحد وحيث ما كثرت الجماعة، فهو أفضل".
وروي أن عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: يا رسول الله إني رجل ضرير شاسع الدار، وأحب أن تحضر بيتي وتصلي في موضع أتخذه مسجداَ، فحضر بيته وصلى في 204 ب / 2 موضع، فكان يصلي عتبان هناك".
وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للرجلين في مسجد الخيف: "لم لم تصليا معنا فقالا لنا: قد صلينا في رحالنا"، فلم ينكر عليهما، ولأنه كان يأمر في الليلة المطيرة للمؤذن أن يقول في أذانه، "ألا صلوا في رحالكم"، فلو كان واجباً لما كان المطر عذراً.