على بعض إلا مجلودا في حد أو مجرماً عليه شهادة زور أو ظنيناً في ولاء أو نسب وتعلقاً بما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: ود السارق أن يكون الناس سارقا وود الزاني أن يكون الناس زناة، وإنما كان كذلك لينفي المعرة عن نفسه بمشاركة غيره.
وهذا قول فاسد. وشهادته إذا تاب مقبولة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وقد وافق مالك على أن شهادة القاذف إذا تاب بعد حده، أن شهادته مقبولة في القذف وغيره وكذلك حكم من حد في غيره.
وتحرير هذا الاستدلال قياساً أن من قبلت شهادته في غير ما حد فيه، قبلت فيما حد فيه كالقاذف.
وليس للتعليل بالارتياب وجه، لأنه لو صح لهم ولم يخض.
ولا دليل فيما روي عن عمر وعثمان، لتوجهه إلى ما قبل التوبة، فلم يحمل على ما بعدها والله أعلم.
مسألة
قال الشافعي رضيا الله عنه: " والقروي على البدوي والبدوي على القروي إذا كانوا عدولاً"
قال في الحاوي: إذا كان البدوي عدلا قبلت شهادته على القروي كما تقبل شهادة القروي على البدوي.
وقال مالك: أقبل شهادة القروي على البدوي ولا أقبل شهادة البدوي على القروي إلا في الجراح.
استدلالاً برواية عطاء بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا أقبل شهادة البدوي على صاحب قرية"
ولأن ما خرج عن العرف ريبة في الشهادة بقوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا}. والعرف جار بأن البدوي يشهد للقروي ولم يجر العرف بإشهاد القروي للبدوي فصار بخروجه عن العرف متهما.
ودليلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الأعرابي في هلال رمضان وصام، وأمر الناس بالصيام.
ولأن اختلاف الأوطان لا تؤثر في قبول الشهادة كأهل الأمصار والقرى.