غرمها على الشهود وجهان:
أحدهما: لا غرم عليهم، لأن السيد قد وصل إلى القيمة من مكاتبه فصار كوصوله إلى المهر من خلع زوجته.
والثاني: يرجع عليهم بغرم قيمته وإن وصل غليها من مكاتبه، لأن أداها من اكتتابه التي قد كان يملكها بغير كتابة، وبهذا خالف ما أدته المرأة في الخلع، لأن المؤدي، لا يملكه الزوج إلا بالخلع.
وإن كان ما أداه المكاتب فيعتق به أقل من قيمته، رجع السيد على الشهود بالباقي من قيمته، وفي رجوعه عليهم بما أداه المكاتب وجهان تعليلاً بما قدمناه فيها.
فإن شهدوا بإبراء مكاتبة ما مال كتابته فحكم عليه بعتقه، ثم رجع الشهود غرموا له أقل الأمرين من قيمته أو مال كتابته، لأن القيمة إذا كانت أقل، فليس بأغلظ من العبد القن، فلا يلزمه أكثر منها، وإن كان مال الكتابة أقل، فليس له على المكاتب أكثر منه فلم يرجع بالزيادة والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "وإن كان في دار فأخرجت من يديه إلى غيره غرروا على شهادة الزور ولم يعاقبوا على الخطأ ولم أغرمهم من قبل أني جعلتهم عدولاً بالأول فأمضينا بهم الحكم ولم يكونوا عدولاً بالآخر فترد الدار ولم يفيؤوا شيئاً لا يؤخذ ولم يأخذوا شيئاً لأنفسهم فأنتزعه منهم وهم كمبتدئين شهادة لا تقبل منهم فلا أغرمهم ما أقروه في أيدي غيرهم ".
قال في الحاوي: وهذه المسألة هي القسم الثالث في رجوعهم عما اختص بالأموال، وهو ضربان: عين ودين.
فأما العين فكالدار والدابة إذا كان في يد رجل يتصرف فيها تصرف المالكين الحائزين، فشهد الشهود بها لغيره فانتزعها الحاكم من يده بشهادتهم وسلمها إلى المشهود له، ثم رجع الشهود، لم يجز أن ينتزعها من المشهود له النفوذ الحكم بها. والحكم لا ينقضي برجوعهم.
فأما وجوب غرمها على الشهود، فالذي نص عليه الشافعي فيها وذكره هنا في غيره من الكتب لا رجع على الشهود بغرمها.
وقال فيمن اقر بدار في يده أنه غصبها من زيد ثم قال: لا بل غصبتها من عمرو: إنها تكون لزيد لتقدم الإقرار بها له، وهل يجب قيمتها لعمرو أم لا؟ على قولين: وكذا قال في عبد أعتقه من هو في يده ثم أقر بغصبه من عمرو، هل يغرم