ينقضي بمخالفة النص، ولم يجز أن ينقضي بمجتهد فيه، لأن الحكم إذا نفذ بالاجتهاد لم ينقض بالاجتهاد. والدليل على نقص الحكم بفسقه كما ينقض برقه شيئان:
أحدهما: أن اشتراط العدالة نص، واشتراط الحرية اجتهاد، فإن نقض الحكم بمخالفة المشروط بالنص لاجتهاد، كان أولى أن ينقض لمخالفة المشروط بالنص.
والثاني: أن العبد مقبول الخبر، والفاسق مردود الخبر، والشهادة كالخبر، فلما نقص الحكم بشهادة من يقبل خبره، كان أولى أن ينقض بشهادة من يرد خبره.
وأما الجواب عن قوله: إن الرق مقطوع به والفسق مجتهد فيه، فهو أنهما إذا صار معلومين، صار الرد بالفسق مقطوعاً به، والرد بالرق مجتهداً فيه فكان العكس أحق.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإذا أنفذ القاضي بشهادتهما قطعاً ثم بان له ذلك لم يكن عليهما شيء لأنهما صادقان في الظاهر وكان عليه أن لا يقبل منهما فهذا خطأ نحمله عاقلته ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا وجب نقض الحكم برد الشهادة غما لفسق أو لرق أو كفر، فسواء. ولا يخلو الحكم من أن يفضي إلى استهلاك أو لا يفضي.
فإن لم يفض إلى استهلاك لم يتعلق بنقضه ضمان، وكان نقضه معتبراً بالحكم فإن كان عقد نكاح عقد بشهادتين فبان عبدين، أو كافرين، أو فاسقين افتقر إلى حكم الحاكم بنقضه، لأن مالكاً يجيز عقد النكاح بغير شهود إذا أعلن.
وإن كان في إتيان نكاح اختلف فيه الزوجان، فإن بان فسق الشاهدين حكم بنقضه ولم ينقض بظهور فسقهما إلا أن يحكم به لخلاف أبي حنيفة فيه وفرق بين الزوجين فيه بعد يمين الزوجة المنكرة.
وإن بان كفر الشاهدين أظهر نقض الحكم ولم يفتقر نقضه إلى حكم لوقوفه منتقضاً لرد شهادتهما بالنص المجتمع عليه.
وإن كان رق الشاهدين، فهل يفتقر نقضه إلى الحكم به أم لا؟ على وجهين مبينين على الاختلاف في شهادته هل ردت بظاهر نص، أو إجماع عن ظاهر اجتهاد ظاهر أو على ما قدمنا.
وهكذا في كل حكم نفذ بشهادتهم يكون الحكم بنقضه معتبراً بأحوال شهوده في اختلافهم في الوجوه الثلاثة في الرق والكفر والفسق فيحتاج إلى الحكم بنقضه في الفسق، ولا يحتاج إلى الحكم بنقضه في الكفر، وفي احتياجه إلى الحكم لنفسه بنقضه في الرق وجهان.