أن تقع القرعة على من شهد له الأجنبيان ويرق من شهد له الوارثان، فترددت حاله مع صحة الشهادتين بين الرق والعتق، فلم يلزم أن يتعين فيه العتق مع الرق.
وإذا كان ذلك في الضرب الثالث: أن تدل الشهادتان على تقدم أحدهما على الآخر ويشكل المتقدم والمتأخر، وهو مبني على ما ذكرنا فيهما من القولين: فإن قيل: إنه يقرع بينهما مع صحة الشهادتين، لم يعتق على الوارثين من شهدا بعتقه وعتق في التركة من شهد الأجنبيان بعتقه، لأن دخول القرعة بينهما مع صحة الشهادتين لا توجب تعيين العتق في شهادة الوارثين.
وإن قيل بالقول الثاني: إنه يعتق من كل واحد منهما نصفه مع صحة الشهادتين عتق في التركة جميع من شهد له الأجنبيان، وعتق على الوارثين نصف من شهدا له لأنه قد كان يعتق ونصفه مع صحة شهادتهما فوجب أن يعتق مع ردها بإقرارهما.
والثانية: أن يقدح الوارثان في شهادة الأجنبيين بتكذيبهما، فيعتق جميع العبدين أحدهما بشهادة الأجنبيين والآخر بإقرار الوارثين في الأضرب الثلاثة، لأن الوارثين مقران أنه لم يعتق غير من شهدا بعتقه، فألزمناهما عتقه بإقرارهما، وقد شهد الأجنبيان بعتق غيره فأعتقناه بشهادتهما.
والثالثة: أن يختلف الوارثان في تصديق الأجنبيين فيصدقهما أحد الوارثين ويكذبهما الآخر، فيلزم المصدق ما كان يلزمه مع أخيه لو صدق، ويلزم المكذب ما كان يلزمه مع أخيه لو كذب.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو شهد الوارثان أنه رجع عن عتق الأول أعتق الآخر أجزت شهادتهما وإنما أرد شهادتهما فيما جرا إلي أنفسهما فإذا لم يجرا فلا فأما الولاء فلا يملك ملك الأموال وقد لا يصير في أيديهما بالولاء شيٌء ولو أبطلتهما بأنهما يرثان الولاء إن مات لا وارث له غيرهما أبطلتها لذوي أرحامهما".
قال في الحاوي: وهذه المسألة مصورة في الوصية بالعتق وفيها دليل على أن المراد بالأولى الوصية بالعتق. ولا يمنع ذلك أن يذكر حكم العتق الناجز والموصى به جميعًا.
والزيادة في هذه المسألة أن يشهد أجنبيان أنه أوصى بعتق عبده سالمًا قيمته الثلث، ويشهد وارثان أنه رجع عن الوصية بعتق سالم وأوصى بعتق غانم ردت شهادتهما وإن كان عدلين، ولا ترد فيه شهادة الأجنبيين للحوق التهمة بالوارثين لعوده إلي ميراثهما.
فأما إذا شهدا أنه رجع عن الوصية بعتق سالم أوصى بعتق غانم وهي في القيمة