فَرْعٌ آخرُ
لو حضر رجل المسجد ولم يجد إلا من صلى بالجماعة استحب لبعض من حضر أن يصلي معه لتحصل له فضيلة الجماعة لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلاً جاء وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ "، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بمنزلة الصدقة عليه.
فَرْعٌ آخرُ
لو حضر والإمام لم يحضر، فإن كان للمسجد إمام راتب قريب فالمستحب أن ينفذ إليه ليحضر لأن في تفويت الجماعة عليه افتئاتا عليه، وإفساداً للقلب، فإن خشي فوات أول الوقت لم ينتظر، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب ليصلح بين قومين 208 ب / 2 فقدم الناس أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فحضر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم في الصلاة، فلم ينكر عليهم، فإن خافوا إنكاره ينتظرونه ما لم يخف فوات الوقت، فإن خيف لا ينتظره أحد.
بابصلاة الإمام قاعداً بقيام قائماً وبقعود
مسألة: قا: "وأحب للإمام إذا لم يستطع القيام في الصلاة أن يستخلف".
الفصل
وهذا كما قال: إذا عجز الإمام عن الصلاة بالقوم، فالمستحب أن يستخلف من يصلي بهم قائماً، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف في أكثر الصلوات حين مرض، وإنما صلى قاعداً بهم دفعة واحدة، ليبين الجواز، ولأن من الناس من لا يجيز إمامة القاعد، فيستحب الخروج من الخلاف فلو لم يستخلف وصلى بهم قاعداً، وهم قيام يجوز، ومن عجز منهم قعد معه أيضا. وبه قال أبو حنيفة والثوري ومالك في روايةٍ.
وروي عن مالك أنه قال: "لا تصح صلاة القائم خلف القاعد ويجب عليه أن يستخلف"، وبه قال محمد وعند أبي حنيفة يجوز خلف القاعد ولا يجوز خلف المومئ.
وقال الأوزاعي وأحمد وإسحق: "يصلون خلفه جلوساً"، وهو اختيار ابن المنذر، واحتجوا بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "ركب فرساً معروراً"، فسقط فجحش شقه الأيمن فصلى بالناس في بيتي قاعداً، والقوم خلفه قيام، فأشار إليهم أن اقعدوا فقعدوا، فلما فرغ مت صلاته، قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا