تصادقهما على النكاح يوجب الحكم بصحته في الحضر والسفر، وفي الغربة والوطن، لأنه من لوازم العقود لهما، فحكم فيه بالصحة لتصادقها كسائر العقود. ولأن التصادق على العقد أثبت من البينةً. ولأن العقد يسبق التصرف فلم يعتبر في الإقرار به وإن أنكرته الزوجة أحلفت.
وقال أبو حنيفة: لا يمين عليهما وقد مضى الكلام معه في وجوب الأيمان في جميع الدعاوى.
فإن حلفت فلا نكاح بينهما، ما لم يكن لهبينة بالعقد عليها وبينته شاهدان عدلان لا غير، إما على حضور العقد وإما على إقرارها به، وأخذت بالاجتماع معه جبرًا.
وإن نكلت عن اليمين مع عدمه للبينةً، ردت عليه اليمين، وحكم له بنكاحها، إذا حلف وإن نكل عن يمين الرد انقطعت الدعوى، وزال حكمها.
فصل:
والضرب الثاني: أن تكون دعوى النكاح، متوجهة من الزوجة على الزوج من ضروب دعوى النكاح، فإن اقترن بدعواها، طلب حق يتعلق بها من مهر، أو نفقة سمعت دعواها عليه، وهل يعتبر في صحةً دعواها، ذكر شروط العقد على ما ذكرناه من الأوجه الثلاثة، وأخذ الزوج بالجواب عن دعواها، وإن لم يقترن بدعواها، طلب حق يتعلق ففي وجوب أخذ الزوج بجواب دعواها وجهان:
أحدهما: لا يسأل عن الجواب، ولا يؤخذ به، لأنه إذا لم يتعلق بالدعوى، طلب حق صار إقرارا له بالعقد، ولا جواب على المقر له.
والثاني: وهو أظهر أنه يؤخذ بالجواب عنه، لأنه قد يتعلق بهذه الدعوى ما يحدث بعدها، من ثبوت نسب واستحقاق ميراث، فإذا صحت دعواها على ما بينا وأخذ الزوج بجوابه عنها، فله حالتان: إقرار وإنكار. فإن أقر حكم بثبوت النكاح بينهما بتصادقهما في الحضر والسفر، على ما قدمناه، وإن خالف فيه مالك، فإن أنكرها ولها بينة، سمعت، وحكم لها بالنكاح.
وإن عدمت البينةً، أحلف لها على إنكاره، فإن حلف فلا نكاح بينهما، وجاز لها أن تنكح غيره، وإن أقرت بنكاحه، لأن نكاحها قد زال بيمينه، ولا يجوز أن لا تكون زوجةً له، وتحرم على غيره. وإن نكل عن اليمين ردت عليها، فإذا حلف بعد نكوله حكم لها عليه بالزوجية، وحل له إصابتها، والاستمتاع بها، وإن أنكر العقد، لأنه قد حكم بينهما بالزوجية فكان الحكم لكل واحد منهما قطعه. ولا يجوز أن يحكم عليه بالنكاح، ويحكم عليه بتحريم الاستمتاع، وليس جحود النكاح طلاقًا، تحرم به عليه، لأنه لو كان طلاقًا لارتفع به النكاح، وإذا كان النكاح بعده ثابتًا، امتنع أن يكون طلاقًا فامتنع أن يحرم عليه الاستمتاع.