نصف الدار صداقًا، ونصفها ابتياعًا، فلم يسلم له دليل ولا صح له استشهاد. والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو كانت دار في يدي أخوين مسلمين، فأقرا أن أباهما هلك وتركها ميراثا، فقال أحدهما كنت مسلمًا وكان أبي مسلمًا، وقال الآخر أسلمت قبل موت أبي، فهي للذي اجتمعا على إسلامه، والآخر مقر بالكفر مدع الإسلام".
قال في الحاوي: وصورتها في رجل مات مسلمًا، وترك ابنين أحدهما متفق على إسلامه قبل موت أبيه، واختلفا في إسلام الآخر، فقال الآخر: أسلمت أنا قبل موت أبي، فالتركةً بيننا. وقال المسلم: بل أسلمت أنت بعد موت أبي، فالتركة دونك، والبينة معدومةً، فلا يقبل قول من ادعى تقدم إسلامه إذا أنكره أخوه لأننا على يقين من حدوث إسلامه، وفي شك من تقدمه، فكان القول فيه قول أخيه، الذي أنكر تقدم إسلامه، لأنه يستصحب فيه استدامة أصل متحقق، بعد أن يحلف الآخر لجواز أن يكون الأخ صادقا في دعواه، ويمينه على العلم دون القطع بالله أنه لا يعلم أن أخاه أسلم قبل موت أبيه لأنها يمين نفي على فعل غيره.
وهكذا لو مات حر وترك ابنين، أحدهما متفق على حريته قبل موت أبيه، والآخر مختلف فيه، فادعى تقدم عتقه قبل موت أبيه، ليكونا شريكين في ميراثه، وادعى الحر أن أخاه أعتق بعد موت الأب، فهو أحق بجميع الميراث، كان القول مع عدم البينة، قول الحر مع يمينه، بالله أنه لا يعلم أن أخاه أعتق قبل موت أبيه، وهو أحق بجميع الميراث بعد يمينه، لأنه يستصحب أصل رق معلوم، لم يدع تقدم هذا إذا كان موت الأب متفقا على موته، والاختلاف في وقت إسلام الابن، أو عتقه، فأما إذا اتفقا على وقت إسلام الابن، أو عتقه، والخلاف في وقت موت الأب. فقال الابن أسلمت أنا، أو أعتقت في شهر رمضان، ومات أبي في شوال فنحن شريكان في ملكه.
وقال الآخر: صدقت أنك أسلمت في شهر رمضان، ولكن مات أبونا في شعبان. فالقول قول الأخ الذي ادعى حدوث موت الأب في شوال، دون من ادعى تقدم موت الأب في شعبان. ويكونان شريكين في الميراث لأنه استصحب استدامة أصل معلوم، هو بقاء الحياة حتى يعلم تقدم الموت.
فإن قيل: فقد خالفت هذا الأصل في الجناية على الملفوف إذا ادعى وليه أنه كان حيا وقت الجنايةً وادعى الجاني أنه كان ميتا، جعلتم القول قول الجاني في أحد القولين، وأسقطتم قول وليه، في استصحاب أصل الحياة؟ قيل: بينهما في أحد القولين فرق وإن سويا بينهما في القول الثاني: أنه قد تقابل في الحياة على الملفوف أصلان: