بالاشتراك في الوطء الموجب للحوق النسب، فإذا اشترك الرجلان في وطء امرأة يظنا كل واحد منهما زوجته، أو أمته، أو يتزوجها كل واحد منهما تزويجًا فاسدًا يطؤها فيه، أو كان نكاح أحدهما صحيحًا يطؤها فيه ووطئها الآخر بشبهة، أو يكونان شريكين في أمة فيشتركان في وطئها، ثم يأتي بولد بعد وطئها لمدة لا تنقص عن أقل الحمل، وهي ستة أشهر، ولا تزيد على أكثره، وهي أربع سنين فيمكن أن يكون من كل واحد منهما، فلا يجوز أن يلحق بهما ولا يجوز أن يخلق من مائهما، فيحكم بالقافة في إلحاقه بأحدهما:
وكذلك لو اشترك عدد كثير في وطئها، حكم بالقافة في إلحاقه بأحدهم، وسواء اجتمعوا على ادعائه، والتنازع فيه أو تفرد به بعضهم في استوائه في إلحاقه بأحدهم، وهو في الصحابة قول علي بن أبي طالب عليه السلام في القافة، إذا وجدوا، ويقرع بينهم، إذا فقدوا حكم عمر رضي الله عنه بالقافة في إحدى الروايتين عنه، وبه قال أنس بن مالك، وبه قال من التابعين عطاء، ومن الفقهاء مالك، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل.
وقال أبو حنيفة: وأصحابه لا يحكم بالقافة، ويجوز أن يخلق الولد من ماء رجلين وأكثر، وألحقه بجميعهم، ولو كانوا مائة.
وإذا تنازع امرأتان ولدًا ألحقته بهما كالرجلين.
وقال أبو يوسف: ألحقته بالواحد إجماعًا، وبالاثنين أثرًا وبالثلاثة قياسًا ولا ألحقه بالرابع، فتحرر الخلاف مع أبي حنيفة في ثلاثة أشياء:
أحدهما: في إلحاقه بالقافة منع منها أبو حنيفة وجوزناه.
والثاني: في إلحاقه بأبوين جوزه أبو حنيفة وأبطلناه.
والثالث: في خلقه من ماءين فأكثر، صححه أبو حنيفة، وافسدناه،
واستدل أصحاب أبي حنيفة على إبطال قول القافة، وأن لا يكون للشبه تأثير في لحوق الأنساب بقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} الإسراء: 36 وهذه صفة القائف، وبقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ} الانفطار: 8 ولو تركبت عن الاشتباه زالت عن مشتبه، وبقول تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ} المائدة: 50. والقيافة من أحكام الجاهلية، وقد أنكرت بعد الإسلام، وعدت من الباطل، حتى قال جرير في شعره:
وطال خياري غربة البين والنوى وأحدوثه من كاشح يتقوف
أي يقول: الباطل.
وما روي أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود وأنا أنكره.
فقال: هل لك من إبل؟ فقال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمر. قال: فهل فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: فيمن أين هذا؟ قال: لعل عرقًا نزعه. قال: وهذا لعل عرقًا