فصل:
وإذا تنازع في الولد امرأتان، وقيل: إن دعواهما مسموعة على اختلاف المذهب فيه، استعمل القافة فيها، إذا عدمت البينة على ولادته، وكانتا في منازعته، كالرجلين، وكذلك لو كانت إحداهما مسلمة، والأخرى كافرة، كانتا سواء، في ادعائه.
أو كانت إحداهما حرة، والأخرى أمة، تساويا فيه، وجاز للأمة أن تختص بالدعوى، دون السيد لاختصاصها بحق النسب، وتفرد السيد بحق الملك فإن ألحقت القافة الولد بالأم، لم يثبت عليه لسيدها عتق تعليلًا بأمرين:
أحدهما: يجوز أن يكون قد أولدها حر بشبهة.
والثاني: لأن إلحاق القافة طريقة الاجتهاد، دون علم، ولو قامت البينة على ولادته له ففي دخوله في ملك السيد وجهان من اختلاف التعليلين:
أحدهما: لا يدخل في ملكه، لجواز أن يكون من حر بشبهة.
والثاني: يدخل في ملكه، لأنه لحق بها عن علم، لا عن اجتهاد، وحكم الولد حكم أمه، ويجيء على مذهب أبي حنيفة أن يكون الولد للحرة دون الأمة والمسلمة دون الكافرة.
فصل:
فإذا أشكل على القافة حكم الولد في تنازع، وقف على إثبات الولد إلى أحدهما، كما يوقف على إثباته إلى الآخر، أو إلى أحد الرجلين، لأن الطبع يحرك الإنسان، ويجذبه فلو أن ولدًا تنازع رجلان فيه، وادعى كل واحد، منها أنه أخوه من أبيه، فإن كان أبواه باقين لم تسمع دعواهما، وكان أبواهما أخف بالدعوى منها، وإن كانا ميتين، فإن ورثها معهما غيرهما لم تسمع دعواهما، باجتماع جميع الورثة، فإن أنكرها أحدهم بطلت الدعوى، وإن تفرد كل واحد منهما بميراث أمه، سمعت دعواهما، وجاز أن تستعمل القافة معهما عند عدم الشبه، فإن الشبه ينتقل من الآباء إلى الأبناء، حتى يشترك به الإخوة فإذا ألحقته القافة بإخوة أحدهما، حكم بينهما بالأخوة كما يحكم بالنبوة، لأن عبد بن زمعة ادعى أخًا من أمه، وأبيه، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم دعواه، وألحقه به أخًا بفراش أبيه، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة أخًا، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، حين نازعه فيه سعد بن أبي وقاص عن أخيه، لأنه عاهر بأمه في الجاهلية.
وهكذا لو مات المتنازعان في الولد، أو أحدهما قبل حكم القافة جمع بين الولد وبين من ناسب المتنازعين، من الذكور والإناث كالبنين، والبنات، والإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، ولا يختص بالذكور دون الإناث، لوجود الشبه في الذكور والإناث وألحقه القافة بمن كان أشبه أقاربه فيه، ونفوه عمن لم يكن شبه أقاربه فيه سواء كان الشبه