فصل:
وإذا ثبت ما قررناه من أصول الأقسام في هذين القسمين عمومًا وخصوصًا، وحضر منهم من لا رق عليه، ولا وراء، فادعى نسب لقيط لا رق عليه، ولا ولاء نظر في دعواه.
فإن ادعاه ولدًا سمعت دعواه إذا مكنت، ولحق به ولدًا وناسب جميع من ناسبه مدعيه، من آبائه وأبنائه، وإخوانه، وأعمامه، سواء صدقوه عليه أو خالفوه، فإن كان مسلمًا أجري على اللقيط حكم الإسلام ووجب حفظ نسبه في حقه، وإن لم يجب في حق المدعي، وإن كان كافرًا فوجهان:
أحدهما: يجري عليه حكم الإسلام، ويمنع منه قبل البلوغ، لئلا يلقنه الكفر.
والثاني: يجري على حكم الكفر، ولم يجب حفظ نسبه، لا في حقه ولا في حق المدعي، ولم يمنع منه ما كان في دار الإسلام فإذا أراد أن يخرج به إلى دار الحرب، منع منه قبل بلوغه لجواز أن يصف الإسلام، إذا بلغ ولم يمنع من إخراجه بعد بلوغه إذا أجبر على الكفر.
وإن ادعاه أخًا، ولم يدعيه ولدًا، ردت دعواه إن كان أبوه باقيًا، وكان الأب أحق بالدعوى منه، وسمعت إن كان ميتًا، ولم يكن لأبيه وارث سواه، ولا يسمع إن ورثه غيره، حتى يتفقوا عليه، ثم إذا سمعت على هذا التفصيل، وألحق به أخًا، صار مناسبًا لجميع من ناسبه ممن علا وسفل من عصبات، وذوي أرحام وأجري عليه في الإسلام، والكفر ما ذكرناه.
ولو ادعى نسب بالغ مجهول النسب، لم يثبت عليه رق، ولا وراء كانت دعواه على تصديقه، فإن أنكر وعدم البينة لم يلحقه نسبه، وإن صدقه لحق به نسبه بالدعوى، والتصديق ولهما أربعة أحوال:
أحدها: أن يكونوا مسلمين فحفظ نسبهما واجب في الجهتين.
والثانية: أن يكونا كافرين، فحفظ نسبهما غير واجب في الجهتين إلا أن يكونا في الدعوى قد تنازعا إلى حاكم حكم بينهما بلحوق النسب، فيجب حفظه لتنفيذ الحكم، وإن لم يجب في حق النسب.
والثالثة: أن يكون مدعيه مسلمًا، وهو يقر بالكفر، فإن كان مولودًا على الإسلام امتنع أن يكون ولده كافرًا، وقيل: الآن أنت بتصديقك يقل له على الأبوة مسلم، وادعاؤك الكفر يجري عليه حكم الردة، فإن أسلمت وإلا قتلت، وإن كان الأب من ولادة الشرك، وأسلم بعد البلوغ، فاحتمل أن يكون مولودًا له قبل إسلامه، أقر الولد على كفره، ووجب حفظ نسبه في حق أبيه، دون حقه
والرابعة: أن يكون مدعيه كافرًا، وهو مسلم وليس يمتنع أن يكون للمسلم أب