وقال مالك: يكون مسلمًا بإسلام الأب دون الأم، لرجوعه في النسب إلى أبيه احتجاجًا بقوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} الزخرف: 23. والمراد بالآية الملة، فدل على إلحاقه بملة الأب دون الأم.
ولقوله تعالى: {لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ} يس: 6 فدل على إضافة الأولاد إلى الآباء، دون الأمهات.
ودليلنا قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الطور: 21 وهم ذرية لكل واحد من الأبوين، فوجب أن يتبعوا لكل واحد من الأبوين. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أولاد المسلمين معهم في الجنة، وهم مع كل واجدٍ منهم". فدل على إسلامهم ولأن الإسلام حق، والكفر باطل، وإتباع الحق أولى من إتباع الباطل، لأن تعارض البينتين يوجب تغليب أقواهما وأعلاهما، والإسلام أقوى، وأعلى من الكفر، فوجب أن يغلب الإسلام على حكم الكفر لقوله تبارك وتعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} التوبة: 40 ولقول النبي صلى الله عليه وسلم "الإسلام يعلو، ولا يعلي".
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أي ابن أمة أسلم فديته دية المسلمين وليس يعرف له مخالف.
ويدل عليه أن مسلمًا لو تزوج كافرة كان الولد مسلمًا، كذلك إذا أسلم بعد أن تزوجها وفيه انفصال عن دليله.
فأما الجواب عن قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ} الزخرف: 22 فإنه قال على وجه الذم لهم، فدل على أن الحق لهم في عدو لهم عنه.
وأما لجواب عن قوله تعالى: {لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ} يس: 6 فهم أن الإنذار متوجه إلى الآباء والأمهات وإن عبر عنه تغليبًا لحكم التذكير.
فصل:
وأما إذا أسلم الجد، أو الجدة فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدهما: أنه يكون إسلامًا لهم مع بقاء الأبوين، وعدمهما، لأنهما محجوبان، بمن دونهما للعصبية التي بينهما كالأبوين.
والثاني: لا يكون إسلامًا لهم مع بقاء الأبوين، وعدمهما لأنهما محجوبان بمن دونهما.