وقال أبو حنيفة: إن كانت أيديهما يد مشاهدة كانت بينهما، وإن كان يد الحكم، كان ما يختص بالرجال للزوج، وما يختص بالنساء للزوجة، وما يصح لكل واحد منهما يكون للزوج دون الزوجة، فإن ماتا قام ورثتهما مقامهما. وإن مات أحدهما، وبقي الآخر كان القول في جميعه قول الباقي منهما، فصار مخالفًا لنا في خمسة أشياء:
أحدهما: في يد المشاهدة، ويد الحكم، وفرق بينهما وهما عندنا سواء.
والثاني: فيما يختص بالرجال جعله للزوج، وهو عندنا بينهما.
والثالث: ما يختص بالنساء جعله للزوجة، وهو عندنا بينهما.
والرابع: فيما يصلح لهما جعله للزوج، وهو عندنا بينهما.
والخامس: في موت أحدهما جعله للباقي منهما، وهو عندنا بينهما.
وقال أبو يوسف: القول قول المرأة، فيما جرت العادة، أو يكون جهازًا لمثلها، وقول الزوج فيما جرت العادة أن يكون له. وقال زفر بما ذهبنا إليه، وهو في الصحابة قول ابن مسعود رضي الله عنه، واستدل أبو حنيفة ومن وافقه في تفصيل المتاع وتمييزه على الفرق في المشاهدة بين يد المشاهدة ويد الحكم، أن يد كل واحد منهما في المشاهدة على نصفه، وفي الحكم على جميعه، بدليل أن مدعيًا لو ادعاه في يد المشاهدة لم يكن له أن يدعي جميعه إلا عليها ولم يجز أن يختص أحدهما بالدعوى دون الآخر، ولو ادعاه في يد الحكم جاز له أن يدعي جميعه على كل واحد منهما، فدل على أن يد المشاهدة، يد على نصفه، ويد الحكم يدل على جميعه، فافترقا فلذلك ما افترقا فيه، إذا تنازعا، واستداما على التفصيل في يد الحكم، فإن منع منه في يد المشاهدة، فإن يد الحكم أقوى من يد المشاهدة، وفي استيلائهما في الحكم، على جميعه واختصاصه في المشاهدة على نصفه، فلما وقع الترجيح في يد المشاهدة بين ركاب الدابة، وقائدها في جعل الدابة لراكبها دون قائدها، اعتبارًا بالعرف، كان الترجيح في يد الحكم، باعتبار العرف أولى.
وربما حرروا قياسًا، وقالوا: كل يد ثبت بها الاستحقاق، جاز أن يقع فيها الترجيح قياسًا على يد المشاهدة، واستدلوا على الأثاث، وآلته، مختص بالزوج دونها فإن السابق إلى اقتنائه، والمنفرد بابتياعه، فصار فيه أرجح، فاختص به دونها واستدلوا على أن الحي بأن الحادثة إذا حاذاها أصلان ألحقت بأقواهما شبهًا بها، كالأحكام الشرعية.
ودليلنا عليهم في الجميع حديث عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وكل واحد منهما مع اشتراكهما في اليد مدعٍ ومدعى عليه.