وأما الجواب عن قوله: "أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك". وهو أن الأمانة هي الوديعة، تؤدي إلى مالكها، وليس مال الغريم وديعة، يكون أمانة وقوله: "ولا تخن من خانك" فليس مستوفي حقه خائنًا، فلو يتوجه إليه الخطاب.
فإن قيل: فما معنى الخبر: قيل يحمل معناه مع ضعفه، عند أصحاب الحديث، على أحد وجهين إما على الأعراض، إذا هتكت والحقوق إذا بطلت وإما على الودائع، إذا جحدت ثم أديت.
وأما قياسه على ما في يده من رهون وودائع، فتلك لا يملكها فلم يجز أن تؤخذ في دينه، وهذا ماله فجاز أن يؤخذ من دينه.
وأما الجواب عن استدلالهم بالتقسيم في أخذه ملكًا، أو مبيعًا فإنه ينقسم يؤخذ في أخذ الدراهم عن الدنانير والدنانير عن الدراهم، ولا يمنع جوازه، فكذلك في غيره على أن لنا في البيع ما سنذكره.
فصل:
فإذا ثبت أن له أخذه من جنسه، ومن غير جنسه.
قيل له: إن قدرت عليه من جنس حقك، لم يكن لك أن تعدل إلى غير جنسك.
وكنت في أخذه من غير جنسه متعديًا فإن كان حقك دراهم لم يكن لك أن تأخذه إلا دراهم، وإن كان حقك دنانير، لم يكن لك أن تأخذه إلا دنانير، وكذلك إن كان حقك برًا، أو شعيرًا أخذت جنس حقك من البر، والشعير.
وله أن يبيع بوزنه، وكيله ويصير بأخذه في ضمانه، وعلى ملكه وإن تعذر عليه جنس حقه وعدل إلى غير جنسه، فإذا أخذه ففي حكم يده وجهان أحدها أنها يد أمانة، لا توجب الضمان، حتى تباع فيستوفي حقه منه كالرهن، فعلى هذا لو تلق في يده قبل بيعه، كان حقه باقيًا، وجاز أن يعود إلى مال الغريم ثانية، فيأخذ منه بقدر دينه.
والثاني: أن يده ضامنة لما أخذه قبل بيعه، وبعده بخلاف الرهن، لأن الرهن عن مراضاة، وهذا عن إجبار.
فعلى هذا إن تلق في يده كانت قيمته قصاصًا عن دينه إذا تجانسا على الصحيح من المذهب.
وإذا كان ما أخذه باقيًا، لم يكن له أن يستبقيه في يده رهنًا، لأن الرهن عقد لا يتم إلا عن مراضاة تبذل، وقبول فإن استبقاه مع القدرة على بيعه، وأخذ حقه من ثمنه، ضمنه