في الجنابة وكما في شعر الحاجبين، وهذا غلط؛ لما روى ابن عباس - رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه".
وبغرفة واحدة لا يصل الماء إلى بشرة وجهه، فإنه كان كثير اللحية.
قال على بن أبي طالب - رضي الله عنه - في وصفه: "كان عظيم الهامة عظيم اللحية" ويفارق الجنابة لأنها لا تتعلق بجميع البدن، ولا يتكرر فلا يشق إيصال الماء إلى ما تحته بخلاف هذا، وأما شعر الحاجبين، فإنه لا يكثر غالبًا. وقال أبو حنيفة في الشعر المحاذي لمحل الغرض يجب مسحه. وفي رواية أخرى: يجب مسح ربعه، وبه قال أبو يوسف في
رواية: وروي عن أبي يوسف: يسقط عن البشرة ولا يتعلق بالشعر، وهذه رواية شاذة عن أبي حنيفة أيضًا. احتج أبو حنيفة بأن الغرض إذا تعلق بالشعر كان مسحًا كما في الرأس، وهذا غلط لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ} المائدة: 6 واللحية من الوجه، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا غطى لحيته في الصلاة، فقال: "اكشف وجهك فإن اللحية من الوجه".
59 أ/ 1 ويفارق شعر الرأس، لأن فرض البشرة تحت المسح، فانتقل إلى الشعر على صفته، فينبغي أن ينتقل من البشرة في الوجه إلى الشعر على صفته. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يخلل لحيته ويدلك عارضه بعد الدلك". وقال أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أخذ كفًا من ماء فأدخله تحت حنكه يخلل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني ربي".
وقال إسحاق: لو تركه عامدًا أعاد الصلاة. وحكي ذلك عن أبي ثور. وقال أصحابنا: يستحب له أن يمسح مآقيه بسبابتيه؛ لأنه قد يجتمع فيمها كحل أو رمض فيزول بذلك ويصل الماء إليهما، لما روى أبو أمامة "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ومسح مرة واحدة، وكان يمسح المآفين".
فرع
لو أفاض الماء على شعر لحيته ثم حلقه أو نتفه لا يبطل وضوءه. وقال ابن جرير: يبطل، كما لو نزع الخفين بعد المسح، وهذا غلط؛ لأن الشعر من جملة الخلقة، فزواله لا يوجب غسل ما تحت الجلد، ويفارق الخف لأنه كان بدلًا ولم يكن أصلًا، فبطل حكم المسح عليه بظهور الأصل.