فابدءوا بميامنكم".
وقوله: "ثلاثًا ثلاثًا" يرجع إلى اليدين لا إلى المرفقين خاصة. وفي المرفق لغتان؛ مرفق بكسر الميم وفتح الفاء، ومرفق بفتح الميم وكسر الفاء.
مسألة: قال: فإن كَانَ أقْطَعَ الْيَدَيْنِ غسل مَا بَقِيَ مِنْهُمَا إِلَى الْمِرْفَقَيِنِ".
وهذا كما قال. به ذكرنا الواجب إذا كان سليم اليدين، وأما الأقطع ففيه ثلاث مسائل:
إحداها: أن يكون أقطع اليدين من الكوعين، وهو المراد بع غسل ما بقي، وقد يعبر عن الكفين باليدين. قال الله تعالى: {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} المائدة: 38، وأراد الكشف إلى الكوع، وكذلك لذا كان أقطع من نصف الذراع غسل ما بقي.
والثانية: أن يكون أقطع اليدين من فوق المرفقين، فلا فرض عليه، ويستحب أن يغسل ما بقي من العضد إلى المنكب لأنه موضع التحجيل وإسباغ 60 ب/ 1 الوضوء، وظاهر من ذكرها هنا أنه استحبه الأقطع خاصة، وأصحابنا قالوا: يستحب للصحيح أيضًا، لأنه من جملة إسباغ الوضوء وقد روي أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان يغسل العضدين مع الذراعين والساقين مع القدمين، ويقول: أحب أن أطيل غرتي.
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه استحب غسله. وأنكر ابن داود على الشافعي هذا الاستحباب وهو غلط؛ لما ذكرنا.
وقيل: تطويل الغرة هو أن يغسل بعض مقدمة الرأس مع الوجه، وتطويل التحجيل هو أن يغسل بعض العضد مع المرفق وبعض الساق مع القدم.
والثالثة: أن يكون أقطع اليدين مع المرفقين. فقال المزني: إنه لا فرض عليه. فمن أصحابنا من قال: غلط المزني في النقل. وقد قال الشافعي في رواية الربيع: "وإن كان أقطع اليدين من فوق المرفقين فلا فرض عليه". وهذا هو المذهب.
ومن أصحابنا من قال: معنى رواية المزني من المرفقين أي مع المرفقين فهي موافقة
لرواية الربيع. وقال الإمام أبو محمد الجويني - رحمه الله -: قد وجدت هذه اللفظة للشافعي في "القديم" فلا يجوز تغليط المزني.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان بتاء على القولين في مائية المرفقين.
أحدهما: أن المرفق هو طرف عظم الزند الذي على طرف عظم الذراع، فعلى هذا إذا قطع من هذا المفصل سقط الغرض، وهو رواية المزني.
61 أ/ 1 والثاني: المرفق اسم لمجموع طرفي العظمين، فعلى هذا قد بقي أحد الطرفين فيلزمه غسله، وهي بداية الربيع.