ويجهل حاله أنه نوى القصر أو الإتمام. فيجوز له أن ينوي القصر خلفه، وقول الشافعي رحمه الله أو خلف من 66 أ / 3 لا يدري أراد به المسألة الأولى دون الثانية.
والفرق: أنه إذا علم أنه مسافر فالظاهر من حاله القصر؛ لأنه خائف وهو الأولى وليس كذلك إذا جهد حاله في الأصل، لأن الظاهر أنه مقيم فلا يجوز له القصر، وهذا كما لو شك هل هذا اليوم من رمضان أم لا؟، فإن كان في أول الشهر جاز لم تصح له نية صوم رمضان لأن الأصل أنه من شعبان، وان كان في آخر الشهر فإنه يصح لأن الظاهر له من رمضان؟ لأن الأصل أنه من رمضان حتى يثبت دخول شوال.
وأيضاً فإن للمسافر علامات لا تكاد تخفى فيمكن تعرفها، فإذا لم يتعرف اقتدى به على الشك فيلزمه الإتمام والنية غيب لا يوقف عليها، فلو قلنا: إنه لا يجوز القصر إلا أن يتيقن بنية القصر أدى أن لا يمكنه القصر بحال خلف الإمام. فإذا تقرر هذا فلو أحدث هذا الإمام وانصرف فلا يخلو حاله من ثلاثة أحوال:
إحداها: أن يعلم أنه كان نوى القصر بأن يخبره فيقصر هو.
والثانية: أن يعلم أنه نوى الإتمام أتم هو.
والثالثة: أن يشك هل نوى القصر أم الإتمام؟ قال أبو إسحاق رحمه الله: لزمه الإتمام وهو 66 ب / 3 الذي نقله المزني، لأنه شاك في نية إمامه فهو كمن صلى بعض الصلاة، ثم شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فإنه يلزمه البناء على اليقين، وكما لو شك في نية نفسه هل نوى القصر أم لا؟ وهذا ظاهر المذهب.
وقال ابن سريج رحمه الله: يجوز له القصر وغلط المزني رحمه الله في النقل، وإنما أجاب الشافعي رحمه الله بهذا الجواب: إذا أحدث المأموم وانصرف ليتوضأ، وقد نص عليه في كتاب استقبال القبلة فقرر المزني أنه أراد إذا أحاث الإمام. والغرق بينهما أن الإمام إذا أحاث وانصرف، فإن نية الإمام هي فعل باطن لم يكلف المأموم الإحاطة بها فجاز أن يرجع إلى الظاهر، والظاهر من حال المسافر القصر؟ لأنه أقل عملاً وأكثر أجرأ فيقصر هو، وإذا أحدث المأموم وانصرف يمكنه أن يرجع ويتعرف كيف صلى الإمام وهل قصرها أم أتمها؟ لأن عدد الركعات فعل ظاهر يحمل من الإمام، فإذا لم يتعرف كان التفريط من جهته فلزمه الإتمام.
فرع
لو أحرم خلف من لا يدري أمقيم هو أو سافر؟ فقد ذكرنا أنه يلزمه الإتمام فلو أفسد المأموم صلاته يلزمه أن يقضيها تامة.
وقال 67 أ / 3 أبو حنيفة رحمه الله: يجوز له قصرها، لأن الإتمام لزمه الاقتداء فإذا زال الاقتداء سقط حكمه وهذا غلط، لأن هذه العبادة لزمته بالدخول فيها، فإذا أفسدها يلزمه قضاءها على صفتها كالحج.