بعد أداء فرض المسح على الناصية تشبهًا بمن يعم الرأس بالمسح ليعلم 65 ب/ 1 أن التعميم سنة. وقيل: في أنه مسح على عمامته أراد والعمامة على رأسه فمسح على ناصيته ليعلم أن الاستيعاب لا يجب، إذ لا يمكن الاستيعاب في الغالب من دون رفع العمامة. وقيل: دخل البلل منها إلى الرأس وليس كالمسح على الخفين؛ لأنه رخصة لا يعدى بها موضعها، ولا مجال فيه للقياس إذ الحاجة ماسة إلى لبس واستدامتها،، وفي نزعه مشقة ولا مشقة في تنحية العمامة عن مقدم الرأس.
مسألة: قال: "ويمسح أُذُنَيْهِ ظَاهِرهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بمَاٍء جَدِيٍد ثَلاَثًا"
وهذا كما قال. حكم الأذنين منفرد عن الرأس وعن الوجه، فيأخذ لهما ماًء جديدًا يمسح به ظاهرهما وباطنهما ولا يجب مسحهما؛ لأن الله تعالى لم يذكره، وروي ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنه - وهما من الرأس، ويستحب أن يأخذ لهما ماًء جديدًا، وبه قال أحمد فوافقنا في الحكم دون الاسم. وروي عن أحمد: هما من الرأس ويجب مسحهما على الرواية التي توجب استيعاب الرأس، ويجزيه إن مسحهما بماء الرأس.
وروي القفال عن مالك أنهما من الوجه يمسحان بالماء الذي يغسل به الوجه. وقال أبو حنيفة: هما من الرأس يمسحان بماء الرأس، وبه قال الأوزاعي. وروي ذلك عن ابن عباس، وعطاء، والحسن البصري، وقال الشعبي، والحسن بن صالح: يغسل ما قبل منهما مع الوجه ويمسح ما أدبر منهما على الرأس. وروي هذا 66 أ/ 1 عن علي رضي الله عنه، وبه قال إسحاق في رواية، وعنه رواية أخرى: مسح الأذنين واجب. واحتجوا بما روي أبو أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأذنان من الرأس".
وروي ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وأذنيه مسحة واحدة". وهذا غلط لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه وأخذ ماًء جديدًا.
وروي: "وأمسك مسبحتيه لأذنيه" وأراد بقوله: "الأذنان من الرأس" أنهما لا يغسلان مع الوجه، بل يمسحان كما يمسح الرأس.
فإذا تقرر هذا فلا يعتبر عندنا أن يكون الأخذ لهما جديدًا، فإنه لو أخذ الماء لمسح رأسه ومسح رأسه ببعض يده، وأمسك بعضها لمسح الأذنين، فمسح سبابتيه باطنهما وإبهاميه ظاهرهما. وروي هذا عن ابن عمر، والحسن، وعطاء - رضي الله عنهم-: أن السنة أن يدخل إصبعيه في صماخي أذنيه لتحصل المبالغة، وهل يأخذ لهما ماًء جديدًا. حكي البويطي عن الشافعي أنه سن ذلك، فيكون إدخال الإصبعين في الصماخين بماء جديد سنة مؤكدة على مسح الأذنين. ذكره في "الأم" أيضًا، وهو اختيار القاضي