وذكر ابن أبي أحمد فيه قولا مخرجاً أنه لا تجوز جمعتهم، لأن الإمام فيها شرط ولم يحصل، وهذا غلط لأن الجماعة شرط، وقد حصلت كما أن للإمام شرط في الجماعة في غير الجمعة، بفساد صلاته لا تفسد جماعتهم.
وأما الإمام فصلاته باطلة وعليه أن يتطهر ويعيد الظهر، فإن أعاد الخطبة بطائفة منهم الجمعة لا يجوز، لأن المأمومين أدوا الجمعة مرة فلا يجوز لهم فعلها مرة أخرى، ولهذا لا يجوز أن يصلي الجمعة بطائفة أخرى لم 108 ب/ 3 تصل الجمعة، لأن فرض الجمعة قد أدي مرة.
قال الشافعي رحمه الله: فإن لم يعلم وأعاد الخطبة وملى بطائفة منهم الجمعة، ثم علم أن فرضه الظهر فإنه يستحب أن يستأنف، ولو بنى عليها أجزأه، لأن نية الجمعة تجوز أن يؤدي بها صلاة الظهر، ويخالف هذا المسافر إذا نوى القصر ثم نوى الإتمام، فإنه لا يستحب له أن يستأنفها والفرق من وجهين:
أحدها: أن في الابتداء يتخير بين القصر والإتمام وهاهنا لا يتخير.
والثاني: أن المسافر نوى الظهر التي هي فرضه بعينها وهذا قد نوى الجمعة ولم ينو الظهر فافترقا، وإن كانوا مع الإمام أربعين رجلاً لا تنعقد الجمعة وصلاتهم باطلة، وعليه أن يتطهر ويعيد الخطبة والصلاة بهم.
فَرْعٌ آخرُ
لو علم الإمام أن الأربعين كلهم محدثون أعادوا الظهر دون الإمام، ولو كانوا عبيداً يعيدون بأجمعهم.
فرع
إذا جوزنا الاستخلاف فهل يجوز من غير عذر؟ قال القاضي أبو حامد: فيه قولان.
مسألة: قال: ولا جمعة على مسافر ولا عبد.
الفصل
وهذا كما قال: إذا دخل المسافر بلداً في يوم الجمعة وهو 109 أ/ 3 مجتاز لا ينزل فيه أو نزل ليرحل دون أربعة أيام لا تجب عليه حضور الجمعة للخبر الذي ذكرنا. وروى رجاء بن مرجى الحافظ في سننه عن تميم الداري رضي الله عنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجمعة واجبة إلا على خمسة: امرأة، أو صبي، أو عبد، أو مريض، أو مسافر"، ولأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى الجمعة في أسفاره، وقال الزهري والنخعي رحمهما الله: إذا سمع النداء وجبت عليهم الجمعة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الجمعة على من سمع النداء"، وهذا مخصوص بما ذكرناه، ولو حضر الجمعة كان أولى ولا